الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :-فقد وصف الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم في كتابه العظيم بأنها خير أمة ولكن لماذا وبماذا جاءتها هذه الخيرية التي وصفها الله تعالى لهم هل لأنهم أقوياء أم لأنهم عرب أم لأنهم من خير الناس نسباً ؟؟؟ لا والله ليس من كل هذا وفي قوله تعالى بان السبب قال تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) آل عمران - هذا هو السبب الذي وضحه الله تعالى غاية الوضوح وهي أنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر تدعو للخير وتوجه الناس إلى ما ينفعهم في دينهم ودنياهم ,وأيضاً هي تنهى عن المنكر وتكره الشر وتحذر الناس منه وهي محبتها للناس ومحاولة نقلهم من الظلمات إلى النور وأنها تؤمن بالله وتعرف الناس إلى أهمية إتباع كتابه وسنة رسوله , وعندما قراء أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه هذه الآية فهمها فهما خاصاً فقال: قال تعالى (كنتم خير أمة......) ولم يقل انكم خير أمة أو أنتم خير امة وقال إن الله تعالى يقصد أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم , فهو يعلم أن الأمة ستتغير ويخالف آخرها أولها وسيبتعد كثير منهم عن تعاليم رسول الله صلى الله عليه وسلم , لذلك فالمسلم الحقيقي هو الذي يعرض كل شؤونه على كتاب الله وسنة رسوله وهذا أهم مبدأ من مبادئ الإسلام وعليه الميزان الذي نزن به الحق والباطل فالأمة اليوم أضاعت ميزانها فأصبحت تتلاطم بين الأمواج كغثاء السيل كما قال عليه الصلاة وأصبحنا تائهين تتجاذبنا ساعة أفكار الشيوعية والليبرالية والاشتراكية والديمقراطية وغيرها من الأفكار المخالفة لشرع الله أو كأننا أمة بلا منهج !!! (قال تعالى وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) سورة الحشر- هذه الآية العظيمة هي قاعدة لكل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر وهي واضحة غاية البيان فتجعل المسلمون على بينة من أمرهم في أمور الحياة الدنيا والآخرة ولا يحارون في أمرهم ولا في أي مسالة تعرض لهم فالحق واضح أبلج والباطل لجلج كما يقال , وأن الإنسان المسلم له ذوق وإدراك عالي ومعرفة تميزه عن غيره فيعرف كيف يزن الأمور فيفرق بين الخبيث والطيب والخير والشر وذلك عندما يرجع للميزان الحق كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أما إذا وكلنا الأمر إلى عقولنا القاصرة فأن لكل إنسان عقل وكل معجب برأيه فلن نجتمع على كلمة سواء وسوف نندم ولآت ساعة مندم والله تعالى يقول (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون ) سورة النور, فإن طاعة الرسول تحمينا من الفرقة وإتباع الهوى ,وها نحن نلاحظ أمتنا اليوم تصارعها الفتن والمحن وكل هذا لأنها تركت المنهج الذي يوحدها وتركت أمر الله تعالى وسنة رسوله في كيفية من يتولى أمرهم مع أن الإسلام أعطى لهذا الأمر أهمية عظيمة فالحاكم في امتنا ليس شخصا إنما هو كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , امتنا تتنازع وتتصارع اليوم على من الذي يحكم البلاد إنما يجب أن يكون الصراع والنزاع بماذا وكيف نحكم البلاد, فلم نسمع من هذه الثورات أنها تطالب بتحكيم كتاب الله تعالى وشرعه فمن أين سيأتيننا العدل والخير ومن أين سنكون خير أمة إذا كنا تركنا شرع الله تعالى فان هذه الأمة لن يصلح حالها إلا بما صلح أولها وكانت خير أمة , لقد صلح أول هذه الأمة عندما كان قادتها علمائها أهل الحل والعقد والمشورة فهم الذين يعرفون الخير فيوجهون الناس إليه ويختارون لهم ما ينفعهم وأصلحهم ويصلح حالهم فإذا خرج الأمير عن شرع الله فهم أدرى بنصحه ودعوة الناس للخروج عليه , أما قادتنا اليوم هم الفنانون واللاعبون والمطبلون والمزمرون وشباب لا يعرف من دينه شيء , فأصبحنا شر أمة تأمر بالمنكر وتنهى عن المعروف , إن أوامر الله واضحة وطريقه مستقيمة يعرفها كل من يتبع منهجه قال تعالى (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب اليم )سورة النور- فهذا التحذير في الآية الكريمة للذين يخالفون أمر الله تعالى وان نتيجة هذه المخالفة خطيرة لا يقوى عليها الناس فإما فتنة تعم البلاد وتزهق فيها أرواح حرم الله تعالى قتلها وجعلها أكرم من بيته المحرم وإما أن تضيع مصالح العباد وتزول عنهم نعمة الأمن والاستقرار والتي هي أساس كل النعم وإما بلاء وعذاب يصيب البلاد والعباد وهذا أمر مشاهد في حياتنا فكل من خالف شرع الله تعالى أصابه هذا التحذير والإنذار بأن تضعف شوكة المسلمين وتفرق كلمتهم حتى يأتيهم أراذل الناس بدعاوى مختلفة كحقوق الإنسان مثلاً فيسومونهم سوء العذاب وكل هذا أتى بسبب البعد عن الله تعالى وعن تعاليمه لذلك على الناس اليوم أن يراجعوا أنفسهم فكما قال تعالى(إن الله لن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )سورة الرعد- فالتغيير الحقيقي يجب أن يبدأ من أنفسنا وهذا أيضا مبدأ عظيم يقرره القرآن في حياة الفرد والمجتمع والأمة إن أرادوا التغيير للأصلح فكل المصائب التي تحل بالناس هي سببها أقوالنا وأفعالنا ولكننا غافلون لا هون جل همنا هذه الدنيا الفانية فأصابنا الذل والهوان والصغار فإذا أصابتنا مصيبة هرعنا إلى الله وندمنا على ما فرطنا ولآت ساعة مندم وأيضا حتى ما يحصل الآن فهذا بفضل الله على الناس وإلا لو أراد الله تعالى سواء مصيبة أو فتنة فلن يرده عن ذلك احد وليس لهم من نصير سواه ومع الأسف أن اغلب الناس يفهمون هذا الكلام ولكن قد ينسونه او يتناسونه حتى تأتينا المصائب وما يكرهون كما هو اليوم فيتذكرون خالقهم فيرجعون إلى الله قال تعالى ((ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(( ندعوه تعالى أن يعيد هذه الأمة إلى كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم نسأله تعالى أن يولي هذه الأمة خيارها ويجنبها شرارها وندعوه تعالى أن يثبت قلوبنا على هذا الدين وان يحشرنا مع عباده المتقين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
ياسر الماضي
14/6/2011
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"