إعلان حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري
قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 47/133 المؤرخ في 18 ديسمبر/كانون الأول 1992 يتمتع اللاجئ الفلسطيني وبما فيهم الفلسطينيون في العراق أيضا بالمظاهر ذات الصلة بكرامة الأشخاص وشرفهم أثناء التحقيق والتي تتمتع بحماية دولية التوقيف وذلك من حيث الاسلوب المتبع وأماكن ممارسته ، فلا يجوز توقيف الأشخاص المحتجزين إلا في أماكن توقيف معترف بها رسميا ، وأن يتم على الفور تقديم معلومات دقيقة عن أماكن احتجاز الأشخاص وحركة نقلهم من مكان إلى آخر لأفراد أسرهم أو محاميهم أو أي شخص آخر له مصلحة مشروعة في الإحاطة بهذه المعلومات ، وأن يتم الاحتفاظ بسجل رسمي يجري تحديثه باستمرار بأسماء جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم في كل مكان من أمكنة التوقيف وذلك عملا بأحكام المادة العاشرة من (إعلان حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 1992) ، وإذا كان الشخص المحتجز أو الموقوف أجنبيـا ، فيجب أن يتم تعريفه فورا بحقه في أن يتصل بأحد المراكز القنصلية أو بالبعثة الدبلوماسية للدولة التي يكون من رعاياها أو التي يحق لها بوجه آخر تلقى هذا الاتصال طبقـا للقانون الدولي ، كما يجب أن يثبت له الحق في الاتصال بأية منظمة دولية مختصة إذا كان لاجئا أو كان على أي وجه آخر مشمولا بحماية منظمة حكومية دولية .
القوانين الدولية لحماية حقوق المتهم الشاملة أيضا للأنسان الفلسطيني في شتات العالم :-
يجب أن يجري التحقيق في القضية الجنائية المتهم بها الشخص وفقا للمبادئ الأخلاقية من ضمان احترام حقوق الانسان المشتبه به وكرامته الإنسانية مع مراعاة المبادئ الأساسية الأخلاقية المرتبطة بواجبات السلطات الأمنية الأخلاقي أثناء التحقيق والمستمدة من شروط حقوق الإنسان الدولية المعترف بها جميع بلدان العالم وأيضا بلدان الشرق الأوسط بما فيها أيضا العراق والولايات المتحدة الأمريكية ومن شروط حقوق الإنسان الدولية المعترف بها كما يلي :-
1. لكل انسان الحق في الحياة والحرية والأمان على شخصه .
2. ان توقيف الشخص في سجون الدولة أو سجون خفية يكون أساسا متعارض مع المادة الثالثة لمبدأ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المشهور عالميا .
لذا يجب أن يكون التوقيف لأسباب محدده في القانون بعيدا عن التعسف ووفقا لإجراءات مشروعة ، وهو ما نصت عليه المادة التاسعة من (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) بقولها انه (لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفيا) .
ويتفرع عن الحق في الحرية مبدأ آخر هو الحق في إخلاء سبيل المتهم المحتجز إلى أن تتم محاكمته ، إذ لا يجب بشكل عام الاستمرار في احتجاز المتهم بارتكاب جريمة جنائية إلى حين محاكمته إلا في حالات معينة يجوز فيها للسلطات الأمنية أن تقيد حرية المتهم حتى المحاكمة وذلك عندما يكون ذلك ضروريا لمنعه من الهرب خارج البلاد أو منعه من التأثير على الشهود أو إذا كان إطلاق سراحه يشكل خطرا على الغير ، وهو ما أكدت عليه الفقرة الثالثة من المادة التاسعة من (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية) والتي تنص على أنه (لا يجوز أن يكون توقيف الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة ، ولكن من الجائز تعليق الإفراج عنهم على ضمانات لكفالة حضورهم في أي مرحلة أخرى من مراحل الإجراءات القضائية ولكفالة تنفيذ الحكم) .
3. الحق في افتراض براءة المتهم .
إن المبدأ القانوني المستقر عليه في القضايا الجزائية بأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته بحكم قضائي قطعي قد تم تكريسه في الفقرة الأولى من المادة الحادية عشر من (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) والتي تنص على أن (كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه) ، وكذلك في الفقرة الثانية من المادة الرابعة عشر من (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية) والتي تنص على أنه (من حق كل متهم بارتكاب جريمة أن يعتبر بريئا إلى أن يثبت عليه الجرم قانونا) .
ويترتب على ثبوت الحق في افتراض براءة المتهم النتائج التالية :
. انه لا يمكن أن تتحدد الإدانة أو البراءة إلا من خلال جهة قضائية مشكلة تشكيلا قانونيا وبعد اتباع إجراءات المحاكمة العادلة المنصوص عليها في التشريعات الوطنية ذات الصلة .
. انه لا يمكن أن يدان أي شخص من جراء أداء عمل أو الامتناع عن أداء عمل إلا إذا كان ذلك الفعل يعتبر جرماً وفقاً للقانون الوطني أو الدولي وقت ارتكاب الفعل .
. انه يجب أن تتم معاملة جميع الأشخاص الجاري التحقيق معهم باعتبارهم أبرياء سواء كانوا قيد التوقيف والاحتجاز أو أطلق سراحهم بكفالة أثناء التحقيق .
4. الحق في المعاملة الانسانية للمتهم .
انه من حق المتهم أن يعامل معاملة حسنة وإنسانية ، ذلك بهدف صون كرامته وسلامته البدنية والعقلية معا ، وهو الواجب الملقى على عاتق الدولة بتوفيره لكل شخص من الأشخاص المحرومين من حريتهم ، وهذا ما أكدت عليه المادة العاشرة من (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية) بالنص على أن (يعامل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية تحترم الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني) .
كما نصت الفقرة الثانية من المادة العاشرة من العهد نفسه على ضرورة (أن يفصل المتهمون عن المدانين ، إلا في ظروف استثنائية ، ويكونون محل معاملة على حدا على اعتبار أنهم لم يدانوا) .
5. الحق في إجراء التحقيق في قضية الأشخاص المتهمين بطريقة منصفة وعادلة حسب شروط العدالة الدولية وليس حسب الشروط الطائفية أو النازية أو الصهيونية .
إن إجراء التحقيق مع المتهم بطريقة منصفة وعادلة يتطلب من سلطات الأمن بكافة إجراءات التحقيق بطريقة أخلاقية ووفقا لقواعد قانونية مقررة ومعترف بها دوليا .
ويجب أن يتم إبلاغ المتهم مباشرة وبالتفصيل عن التهمة الموجه إليه ، إذ يتوجب على سلطات أمن الدولة إعلام أي شخص عند توقيفه بأسباب احتجازه وبالتهم المنسوبة إليه بلغة واضحة يفهمها تخلو من التهديد والوعيد بالانتقام والمجازاة ، وذلك تطبيقا لأحكام الفقرة الثانية من المادة التاسعة من (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ) التي تنص على أنه (يتوجب إبلاغ أي شخص يتم توقيفه بأسباب هذا التوقيف لدى وقوعه كما يتوجب إبلاغه سريعا بأية تهمة توجه إليه) .
إن طبيعة التحقيق قد تؤثر حتما على المدة الزمنية التي يمكن إبلاغ الشخص فيها بالتهمة المسندة إليه إذ أن ذلك قد يستغرق وقتا أطول في حالات الحالات المعقدة أو الخطرة ، إلا أن على سلطات أمن الدولة إعلام صاحب الشأن بوصف دقيق بالتهم المسندة إليه في أسرع وقت ممكن حتى يتمكن من ممارسة الضمانات الدولية الأخرى لحماية حقوقه الإنسانية التي لكل انسان في العالم حتى للفلسطينيين في جميع الشرق الأوسط .
يجب أن يتم منح المتهم الوقت الكافي والتسهيلات المناسبة لإعداد دفاعه واختيار من يمثله قانونيا ، فلكل متهم الحق في أن يدافع عن نفسه إما بنفسه أو بواسطة محام من اختياره ، فإذا لم تكن لديه إمكانيات مالية كافية لدفع تكاليف الاستعانة بمحام ، فيجب أن تقوم السلطات القضائية بتوفيرها له مجاناً كلما تطلبت العدالة ذلك ، وهو ما أكدت عليه الفقرة الثالثة من المادة الرابعة عشر من (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية) بالنص على أنه (لكل متهم بجريمة أن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام من اختياره ، وأن يخطر بحقه في وجود من يدافع عنه إذا لم يكن له من يدافع عنه ، وأن تزوده المحكمة حكما ، كلما كانت مصلحة العدالة تقتضي ذلك ، بمحام يدافع عنه دون تحميله أجرا على ذلك إذا كان لا يملك الوسائل الكافية لدفع هذا الأجر) ، كما أكدت على هذا الحق المادة السابعة من المبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن دور المحامين بالقول على أنه (تكفل الحكومات أيضا لجميع الأشخاص المقبوض عليهم أو المحتجزين بتهمة جنائية أو بدون تهمة جنائية ، إمكانية الاستعانة بمحام فورا ، وبأي حال خلال مهلة لا تزيد عن ثمان وأربعين ساعة من وقت القبض عليهم أو احتجازهم) .
ويرتبط بحق الشخص المحتجز في توفير المساعدة القانونية له أن يتاح له الوقت الكافي للاتصال مع محاميه والتشاور معه بحرية تامة في أي وقت وبشكل سري، بحيث يجوز أن تكون المقابلات بين الشخص المحتجز ومحاميه على مرأى من أحد موظفي إنفاذ القوانين ، ولكن لا يجوز أن تكون على مسمع منه ، كما يجب أن لا تكون أية اتصالات بين الشخص المحتجز ومحاميه مقبولة كدليل ضد الشخص المحتجز ما لم تكن ذات صلة بجريمة مستمرة أو بجريمة تدبر وذلك تطبيقا لما جاء في المبدأ الثامن عشر من (مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن 1988) .
يجب أن يكون للمتهم الحق في أن يمثل أمام المحكمة المختصة دون إبطاء ، والتي يجب أن تكون جهة قضائية مستقلة وغير متحيزة تأسست قبل وقوع الجريمة وفق أحكام القانون ، وهو ما أكدت عليه المادة العاشرة من (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) والتي تنص على أن (لكل إنسان الحق ، على قدم المساواة التامة مع الآخرين ، في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنياً للفصل في حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه إليه) ، كما جاء في الفقرة الأولى من المادة الرابعة عشر من (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية) أن (الناس جميعا سواء أمام القضاء وأن من حق كل فرد لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية منشأة بحكم القانون) .
لذا لا يجوز استبقاء أي شخص محتجز دون أن تتاح له فرصة المحاكمة العادلة في أسرع وقت ممكن أمام السلطة القضائية المختصة ، ذلك أن ضمانة محاكمة المتهم بسرعة دون تأخير ترتبط بحقه في الحرية والأمن على شخصه وفقا للمعايير الدولية التي قررتها المادة الثالثة من (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) ، وكذلك الفقرة الأولى من المادة التاسعة من (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية) والتي تنص على أن (لكل فرد حق في الحرية وفي الأمان على شخصه ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه) ، كما ينص المبدأ السابع والثلاثين من (مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن لعام 1988) على ضرورة أن يتم إحضار الشخص المحتجز المتهم بتهمة جنائية أمام السلطة القضائية التي يحددها القانون وذلك على وجه السرعة عقب إلقاء القبض عليه على أن تبت هذه السلطة دون تأخير في قانونية وضرورة الاحتجاز بحيث لا يجوز إبقاء أي شخص محتجزا على ذمة التحقيق أو المحاكمة إلا بناء على أمر مكتوب من هذه السلطة ، وأن يكون للشخص المحتجز الحق عند مثوله أمام هذه السلطة في الإدلاء بأقواله بشأن المعاملة التي تلقاها أثناء احتجازه .
إن من الطبيعي أن تؤثر درجة تعقيد القضية وجسامتها على الوقت الفعلي الذي يستغرقه تقديم المتهم إلى المحاكمة ، بالإضافة إلى أن طول مدة التحقيق قد يتأثر بعوامل أخرى كتوافر الشهود ومدى تعاون الشخص الذي يتم التحقيق معه ، إلا أن ذلك يجب أن لا يكون مبررا لرجال الشرطة لعدم إجراء التحقيق بسرعة وفعالية لكي يتم عرض المتهم على المحكمة المختصة في أسرع وقت ممكن ، وذلك تطبيقا لما جاء في الفقرة الثالثة من المادة الرابعة عشر من (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية) والتي تنص على حق المتهم في أن (تجري محاكمته دون تأخير زائد عن المعقول) .
ويجب أن يكون للمتهم الحق في مناقشة شهود الاتهام بنفسه أو بواسطة ممثله القانوني ، وأن يثبت له الحق في استدعاء شهود الدفاع بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام ، فمن أهم الضمانات الدنيا المتعلقة بالتحقيق والمحاكمة العادلة أن يكون للمتهم الحق في أن يناقش شهود النيابة العامة سواء بنفسه أو من خلال محاميه ، وأن يدحض اتهاماتهم من خلال شهود النفي الذين يجب أن لا يتم إبطاء أو عرقلة دعوتهم إلى المحكمة .
كما يتصل بحق المتهم في مناقشة ودعوة الشهود حقه في أن يزود مجانا بترجمان إذا كان لا يفهم أو لا يتكلم اللغة المستخدمة في المحكمة ، وأن لا يكره على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنب وذلك كما جاء في الفقرة الثالثة من المادة الرابعة عشر من (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية) ، كما يتصل بهذا الحق ضمانة أخرى هي ضرورة أن يتم إجراءات محاكمة أي متهم بشكل علني وأمام وسائل الإعلام ، وأن لا يتم إجراء أية محاكمة سرا إلا في الحالات المحددة حصرا في القوانين الوضعية وبشكل استثنائي لا يجوز التوسع في تفسيره أو تطبيقه وذلك لما تقتضيه حماية مصلحة العدالة .
6. الحق في احترام كرامة الأشخاص المتهمين وشرفهم وخصوصياتهم في حالات التوقيف أو الحجز أو السجن .
لقد أضفى (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) حماية خاصة على خصوصيات الأفراد وكرامتهم وشرفهم وسمعتهم أثناء التحقيق معهم وذلك في المادة الثانية عشر منه والتي تنص على أن (لا يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته ، ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات) ، كما لا يجوز إخضاع أي متهم موقوف إلى أي شكل من أشكال التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وهو ما أكدت عليه (مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن لعام 1988) والتي تنص في المبدأ الأول على ضرورة أن (يعامل جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن معاملة إنسانية وباحترام لكرامة الشخص الإنساني الأصيلة) ، وكذلك جاء في المبدأ الأول من (المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء لعام 1990) بأنه يجب أن (يعامل كل السجناء بما يلزم من الاحترام لكرامتهم المتأصلة وقيمتهم كبشر) .
ومن مظاهر احترام كرامة وآدمية الأشخاص المحتجزين وشرفهم عمليات التفتيش التي تتم سواء على الأفراد شخصيا أو على منازلهم أو ممتلكاتهم الخاصة ، واعتراض ومراقبة مراسلاتهم ورسائلهم واتصالاتهم الهاتفية الخاصة والتي يجب أن تتم بصورة قانونية وبالقدر اللازم فقط الذي تقتضيه مصلحة التحقيق ووفقا للأصول المنصوص عليها في التشريعات الوطنية ذات الصلة ، فلكل إنسان حق احترام حياته الخاصة والعائلية ومسكنه ومراسلاته ، ولا يجوز للسلطة العامة أن تتعرض لممارسة هذا الحق إلا وفقاً للقانون وبما تمليه الضرورة في مجتمع ديمقراطي لصالح الأمن القومي وحفظ النظام ومنع الجريمة ، أو حماية الصحة العامة والآداب ، أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم .
ومن المظاهر الأخرى ذات الصلة بكرامة الأشخاص وشرفهم أثناء التحقيق والتي تتمتع بحماية دولية التوقيف وذلك من حيث الاسلوب المتبع وأماكن ممارسته ، فلا يجوز توقيف الأشخاص المحتجزين إلا في أماكن توقيف معترف بها رسميا وليس في بيوت العصابات الإجرامية ، وأن يتم على الفور تقديم معلومات دقيقة عن أماكن احتجاز الأشخاص وحركة نقلهم من مكان إلى آخر لأفراد أسرهم أو محاميهم أو أي شخص آخر له مصلحة مشروعة في الإحاطة بهذه المعلومات ، وأن يتم الاحتفاظ بسجل رسمي يجري تحديثه باستمرار بأسماء جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم في كل مكان من أمكنة التوقيف وذلك عملا بأحكام المادة العاشرة من (إعلان حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 1992) ، وإذا كان الشخص المحتجز أو الموقوف أجنبيـا ، فيجب أن يتم تعريفه فورا بحقه في أن يتصل بأحد المراكز القنصلية أو بالبعثة الدبلوماسية للدولة التي يكون من رعاياها أو التي يحق لها بوجه آخر تلقى هذا الاتصال طبقـا للقانون الدولي ، كما يجب أن يثبت له الحق في الاتصال بأية منظمة دولية مختصة إذا كان لاجئا أو كان على أي وجه آخر مشمولا بحماية منظمة حكومية دولية .
ومن الضمانات الأخرى ذات الصلة بإجراءات التوقيف والاحتجاز التي تتمتع بحماية دولية ضرورة عزل الأشخاص الموقوفين على ذمة التحقيق في أية قضية جزائية عن المتهمين المدانين بحكم قضائي قطعي ، وأن تتم معاملتهم بطريقة مختلفة تتفق مع كونهم أشخاص غير مدانين ، كما يجب أن يتم فصل الأحداث القاصرين عن البالغين ، على أن تتم محاكمتهم أمام محكمة خاصة بهم بأسرع وقت ممكن ، وأن يتم إخطار أولياء أمور الحدث أو الوصي عليه فورا بعد التوقيف وذلك تطبيقا للقاعدة العاشرة من (قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لإدارة شؤون قضاء الأحداث لعام 1985) ، كما يجب اتخاذ جميع التدابير الضرورية لحماية النساء ولا سيما الحوامل والأمهات والمرضعات منهم ، وأن يتم توفير ضمانات خاصة للأطفال والمسنين والمرضى والمعوقين وذلك تطبيقا لما جاء في المبدأ الخامس من (مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن لعام 1988) .
ومن مظاهر الحفاظ على الكرامة الإنسانية للمتهمين المحتجزين أثناء التحقيق حماية خصوصيات الأفراد وعدم إفشاء أية معلومات سرية قد تضر بسمعتهم ومركزهم الاجتماعي إلا ضمن الأسس والضوابط التي ينص عليها القانون ، فرجال الشرطة باعتبارهم من فئة الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين قد يحصلون بحكم عملهم على معلومات تتعلق بالحياة الخاصة للأفراد المتهمين ، لذلك ينبغي عليهم توخي الحرص الشديد في الحفاظ على سرية تلك المعلومات وأن لا يتم إفشاؤها إلا بحكم أداء الواجب أو خدمة العدالة ، وذلك تطبيقا للمادة الرابعة من (مدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين لعام 1979) والتي تنص على ضرورة أن (يحافظ الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين على سرية ما في حوزتهم من أمور ذات طبيعة سرية ما لم يقتض خلاف ذلك كل الاقتضاء أداء الواجب أو متطلبات العدالة) .
7. الحق لكل شخص في عدم التعرض للتعذيب من أي جهة كانت إن كانت حكومية أو جهة عصابات طائفية أو صهيونية :
لقد نصت جميع المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي أعترفت بها ووقعتها جميع دول الشرق الأوسط على حظر التعذيب أثناء الإجراءات الجزائية ابتداء من التحقيق والمحاكمة وانتهاء بتنفيذ العقوبة في السجن ،فقد نصت المادة الخامسة من (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) على أنه (لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية) ، كما نصت المادة السابعة من (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية) على أنه (لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو الحاطة للكرامة) ، أما (اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لعام 1984) فقد نصت في المادة الثانية منها على أن (تتخذ كل دولة طرف إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة أو أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي) ، كما نصت المادة الرابعة من ذات الاتفاقية على أن (تضمن كل دولة طرف أن تكون جميع أعمال التعذيب جرائم بموجب قانونها الجنائي ، وينطبق الأمر ذاته على قيام أي شخص بأيه محاولة لممارسة التعذيب وعلى قيامه بأي عمل آخر يشكل تواطؤا ومشاركة في التعذيب) .
8. حظر الحبس الانفرادي لمدة طويلة والحق في العناية الصحية للشخص المتهم .
إن احتجاز المتهم المحتجز حريته لمدة طويلة في أماكن مخصصة للحبس الانفرادي يندرج تحت الأفعال المحظورة أثناء فترة التحقيق كونها تعد صورة من صور المعاملة القاسية أو اللإإنسانية التي حظرتها المادة السابعة من (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية) .
أما بخصوص الحق في العناية الصحية ، فقد تضمنت (مدونة الأمم المتحدة لقواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين لعام 1979) في المادة السادسة منها على حماية صحة المحتجزين بالنص على أن (يسهر الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين على الحماية التامة لصحة الأشخاص المحتجزين في عهدتهم ، وعليهم ، بوجه خاص ، اتخاذ التدابير الفورية لتوفير العناية الطبية لهم كلما لزم ذلك) ، كما تضمنت (مبادئ الأمم المتحدة الخاصة بآداب مهنة الطب المتصلة بدور الموظفين الصحيين) ، ولا سيما الأطباء ، في حماية المسجونين والمحتجزين من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية لعام 1982 في المبدأ الأول على أن (من واجب الموظفين الصحيين المكلفين بالرعاية الطبية للمسجونين والمحتجزين ولا سيما الأطباء من هؤلاء الموظفين، أن يوفروا لهم حماية لصحتهم البدنية والعقلية ومعالجة لأمراضهم تكونان من نفس النوعية والمستوى المتاحين لغير المسجونين أو المحتجزين) ، كما نص المبدأ الرابع من المبادئ ذاتها على أنه (يمثل مخالفة لآداب مهنة الطب أن يقوم الموظفون الصحيون ولا سيما الأطباء باستخدام معارفهم ومهاراتهم للمساعدة في استجواب السجناء والمحتجزين على نحو قد يضر بالصحة أو الحالة البدنية أو العقلية لهؤلاء المسجونين أو المحتجزين ، ويتنافى مع الصكوك الدولية ذات الصلة ) .
9. دور النيابة العامة في حماية حقوق المتهم أثناء فترة التوقيف أو الاحتجاز .
إن األمدعي العام للدولة (أي النيابة العامة) تضطلع بدور أساسي أثناء مرحلة التحقيق في حماية حقوق الأشخاص المحتجزين وذلك من خلال افتراض قرينة البراءة للأشخاص الذين لم تتم إدانتهم بالجريمة التي وجهت إليهم التهم بارتكابها واعتماد الأدلة الجنائية التي تم الحصول عليها بشكل قانوني سليم ، ورفض تلك التي يتم الحصول عليها تحت وطأة التعذيب والمعاملة القاسية كونها تشكل انتهاكا لحقوق الإنسان الخاصة بالمتهم ، كما يظهر دور النيابة العامة في محاسبة المسؤولين عن استخدام وسائل التعذيب والمعاملة القاسية بحق الأشخاص المحتجزين بهدف منع تكرار حدوث مثل هذه الأمور في قضايا مستقبلية .
بسبب التجارب من خلال الحروب العالمية وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية أسست جمعية الأمم المتحدة وقامت بالتصويت على حقوق الانسان لكي لا تحصل الكوارث السابقة للعالم التي كانت تبدأ سابقا من وسط أوروبا .
إن على الرغم من اهتمام الأمم المتحدة بعد تأسيسها بأمد قصير بسن معايير دولية لحقوق الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم و/أو الذين حرمتهم حكوماتهم من حريتهم وذلك من خلال إصدار صكين دوليين بشأن حقوق الإنسان هما (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) و(العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية) ، إلا انه لم يتوافر حتى الآن مجموعة شاملة من المعايير الدولية لحماية الأشخاص المحتجزين رهن المحاكمة أو الخاضعين لاحتجاز على ذمة التحقيق ، وهو ما من شأنه أن يؤثر سلبا على حقوق المتهمين المحتجزين لدى رجال الشرطة أثناء فترة التحقيق ، فحقوق هؤلاء الفئة من الأشخاص ليست هبة أو عطية من الدولة ، بالتالي يتعين على الأخيرة – ممثلة في رجال الضابطة العدلية – حماية حقوق هذه الفئة من الأفراد ضمانا لكرامتهم الإنسانية وتحقيقا لمبدأ افتراض البراءة وأن المتهم برئ حتى يصدر بحقه حكما نهائيا قطعيا من المحكمة المختصة قانونا .
المصادر :
1. قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 47/133 المؤرخ في 18 ديسمبر/كانون الأول 1992 .
2. منظمة العفو الدولية الشرق الأوسط المحامي الدكتور ليث كمال نصراوين .
3. منظمة الأمم المتحدة .
4. المصادر المتبقية والمعلومات المفصلة والمصادر عند د. نبيل عبدالقادر ذيب الملحم .
الدكتور نبيل عبدالقادر ذيب الملحم
Dr. Nabil Abdul Kadir DEEB
GERMANY 53137 BONN
14/4/2012
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"