فلسطينيو العراق نحو مرحلة جديدة من الذل – عصام عرابي

بواسطة قراءة 4737
فلسطينيو العراق نحو مرحلة جديدة من الذل – عصام عرابي
فلسطينيو العراق نحو مرحلة جديدة من الذل – عصام عرابي

في كل فترة من الفترات تتطور حياتنا نحو مرحلة جديدة ، لربما في غير البرازيل والتشيلي تتطور حياة اللاجئين من مراحل الخلاص من الصحراء والتشرد والظلم إلى مرحلة على الأقل تكون بداية حياة جديدة ..

لكن نحن هنا ، تتطور حياتنا بشكل مستمر نحو مرحلة من الذل والإهانة مرحلة من الواقع المهين بكل ما يحمله من معاني ..

إننا في كل لحظة نمضيها في هذا البلد لا تتجه بنا نحو الأفضل بل نحو الأسوأ ، وفي هذه الأيام كأننا نخوض مباراة كرة قدم ، لكن للأسف نلعب في الوقت الضائع ...

قد يتسائل البعض كيف ؟ بكل بساطة أقول إننا مثل الذي أمسك بسكين ذات حدين كيفما يحركها تجرحه ..

لكن الوضع معنا مختلف تماماً لأن سكينتنا أصعب من ذلك بكثير كيفما نحركها لا تجرحنا بل كفيلة بقتلنا ..

أيها الأخوة ما أود توضيحه أننا الآن يتم تضييق الخناق علينا من كل الجهات يستخدمون ضدنا نقاط ضعفنا ، الضعيف صحياً يستخدم مرضه ضده فيحاصرونه بنفس مرضه يتم قطع علاجه عنه يتم التنصل بشتى الأشكال من دفع تكاليف الأدوية التي يستخدمها فيصبح مثل اللعبة بين أيديهم يحركونه كما يشاؤون .........

وهم يعلمون أنه لا يستطيع فعل شيء لهم حتى لو فكر بالشكوى عليهم يعلمون أنه لا يستطيع ذلك بسبب اللغة لأن أي أحد لا يستطيع فهم شيء منه وبذلك يضمنون أن هذا الشخص قد تقيد ولن يستطيع التحرك ..

هذا من جهة ، أما من جهة من لديه أطفال فقد جربت هذه النقطة أنا شخصياً فكانت خير نقطة ضعف لصالح المفوضية عندما مرضت ابنتي البالغة من العمر ( 3 ) سنوات في بابهم وأصبحت على وشك الموت فما كان منهم إلا أن طرحوا لي خيارا واحداً وهو مساومتي أن أدخل لإجراء مقابلة مع السفلة الموجودين داخل المكتب ليتم علاج ابنتي وعندما دخلت ولم تكن المقابلة على هواهم قالوا لي وبكل بساطة ليس لنا علاقة بعلاج ابنتك !! هل رأيتم أحقر من هذا الأسلوب ويعلمون جيداً أننا لا نعرف شيئاً من طرق ومواصلات العاصمة ، وعندما خرجت من المقابلة كانت ابنتي منهارة من المرض .. صحنا عليهم ليساعدونا وكان عندنا أمل بأن يكون عندهم القليل من الإنسانية على طفلة صغيرة ،، لكن هيهات هل يترجى الفلسطيني رحمة اليهودي عليه !!! إن ما فعلوه كان مفاجأة مذهلة جداً لنا فلم نرى إلا دوريات الشرطة المدججة بالسلاح وكأننا مجرمون أو مجموعة إرهابية يعالجون أمرها بالشرطة ...

أما المجرمون الحقيقيون الظلمة الذين يجب أن تطلب لهم الشرطة لهذه الجرائم التي ترتكب بحقنا وحق أطفالنا لا يجرؤ أحد على محاسبتهم ..

لو كنا عوائل يهودية هل سيكون هذا الموقف منهم ولو كان مكان أطفالنا أطفال يهود هل سيتجرءون بطلب الشرطة لهم بدلاً من إسعافهم طبعاً وبكل تأكيد لا لكن الحال معنا مختلف لسبب بسيط وهو لا يوجد من يدعم موقفنا الكل ضدنا والذي لا يقف ضدنا يتجاهلنا ونحن بدورنا لم نعد نعول على أحد هنا ، لنا الله هو خالقنا وهو كفيل بنا ... ولا يختلف الأمس عن اليوم بكثير لأن نفس ما حصل معنا يتكرر الآن مع العوائل المعتصمة لقمعهم وإرهابهم ولا أستبعد سماع أخبار عن قتل أحدهم فمن الأخبار التي وردت مؤخراً من المعتصمين أنفسهم محاولة لأحد الكلاب المصعورة من سكنة الحي هناك الاعتداء على العوائل ودهسهم وسبهم أليست هذه المسألة شروعاً بالقتل بحق لاجئين لا حول لهم ولا قوة ؟ .

وفوق ذلك كله يتكرر مشهد طلب الشرطة لقمع العوائل المعتصمة وإذلالها فقد جائت الكثير من الدوريات وعناصر الشرطة لتطويق المكان ولربما في يوم من الأيام نسمع عن هجوم الشرطة على المكان وقتل كل من فيه بذريعة أنهم يشكلون تهديداً على سكان الحي هناك أو أنهم يخلوا بالأمن القومي للبرازيل ، فقد أصبحنا مصدر خطر ولسنا نحن من في خطر ، بدأنا نخاف من أن يلقوا لنا في بيوتنا شيء ما للخلاص منا وإلقاء تهمة لكل لاجئ ليتخلصوا منه لم يعد الأمر ببعيد ، فقد سبق أن صرح المجرم خافير في الوقت الذي كنا نحن معتصمين فيه أن هذه المجموعة المعتصمة ليست إلا مجموعة من المشاغبين !!!!!!.

بالله عليكم عوائل ونساء وأطفال ورضع ومسنين ومرضى ومعاقين جميعهم بنظر الأرعن مجموعة من المشاغبين ولا نعلم كيف يكون المضطهدين إذاً ؟؟؟؟ .

أيها الأخوة بكل بساطة نحن تائهين بين وغد وأخر فقد ذهب المعتصمين بعد الاعتداء عليهم للشكوى بوزارة الخارجية لكن بلا جدوى فقد ذكرت لحضرتكم سابقاً أن السياسة المتبعة معنا الآن سياسة لا عين ترى ولا أذن تسمع لننتظر الآن تصريحات المنظمة الإرهابية بحق اللاجئين ماذا سوف تكون لربما سيقول أن سكان الحي مضطهدين من قبل اللاجئين فليس غريب عن كذاب مثل خافير مدير المفوضية أن يقول أي شيء .

وأجدد القول أن هذه السلسلة لم تنتهي بعد ،، تتحظر الآن أربع عوائل من منطقة فينانسيو آيريس بعد أن تصفي جميع أغراضها البيتية وتسليم الشقق إلى المكاتب التي تم استئجار الشقق منها والذهاب للاعتصام بلا عودة عن مطلب الخروج من هذا الجحيم الذي ألقتنا به المنظمة الإنسانية فمن إنسانية هذه المنظمة أنها تطلب الشرطة للاجئين على الفور عسى أن تتخلص منهم ....

إن اللاجئين الفلسطينيين غادروا العراق بسبب الظروف هناك الظروف التي إضطرتهم مغادرة بيوتهم التي بنوها وتعبوا عليها سنوات طوال ظروف كانت سببها الانفلات الأمني الذي عصف بالبلد ككل ليذهبوا إلى الصحراء عسى أن ينجوا بأطفالهم وأنفسهم ونسائهم من ويلات الحرب لتأتي المفوضية الإرهابية وتلقي بهم بهذا الجحيم ماذا يختلف وضع البرازيل عن العراق حتى وضع العراق أفضل ...

لأن العراق لم يحدث بها ما حدث من انفلات أمني وعصابات إلا بعد الحرب وسقوط أجهزة الأمن والشرطة العراقية لكن البرازيل ليس فيها حرب ولا ضرب تعصف بها موجة رهيبة من اللصوص والقتلة والخطف وكل ما لا يتصوره العقل ليس من مدينة برازيليا تخلو من اللصوص.. لا تستطيع الخروج مع عائلتك بعد ( 12 ) ليلاً بشوارع العاصمة نفسها لا تستطيع ترك أطفالك الصغار يمشون بحرية في المدن الكبيرة خوفاً من خطفهم إذا دخلت إلى المصرف يجب أن تنتبه أثناء خروجك مخافة اللصوص لا تستطيع وضع نقود بجيب قميصك لأنه من السهل على اللصوص سحبهم من جيبك والفرار وهذا قليل على الواقع هنا .....

إذاً السؤال لماذا خرج الفلسطينيون من العراق ولماذا جلبوهم إلى البرازيل إذا كان الوضع ليس بفارق كبير وكيف يعيدون تأهيلهم بمثل هذا البلد وليس هناك أصلاً ما يساعد على إعادة تأهيلهم وظروف البلد نفسها لا تسمح ولا تساعد على ذلك ...

إننا لا نرى من جلبنا للبرازيل سوى محاولة للخلاص منا سوى محاولة للقضاء علينا !!!هل هذا الشيء موجود بأي عرف من الأعراف الإنسانية ؟ .

إننا نطالب مجدداً أي قوة سياسية وغير سياسية حكومية وغير حكومية نطالب المؤسسات والهيئات والمنظمات ونطالب الإعلام العربي والفضائيات والصحف ومن شكروا البرازيل لاسقبالها اللاجئين الفلسطينيين على الاتصال مع اللاجئين ونشر مشاكلهم ومعاناتهم ولفت نظر من لفت نظرهم وتجاهلوا مأساتنا إننا ندعوا الجميع لمناصرتنا بشكل أكبر ومساندتنا بمطالبنا وإخراجنا من هذا الجحيم والواقع الأليم الذي نعيشه على أيادي من انعدمت الرحمة من قلوبهم............

مع فائق التقدير..

15-4-2009

 

بقلم عصام عرابي - البرازيل

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"