غزة في امتحان الصبر والاستقامة ‘ جثث ملطخة بالدماء ‘ أصوات النياح والبكاء ‘ أصوات انفجار الصواريخ و المدافع ‘ صياح الموت يصدر منها صوت مرعب " الله أكبر "‘ يصدر من حناجر رجال غزة الأبطال مرتفع إلى عنان السماء ‘ صوت " الله أكبر " في غزة له طعم آخر‘ إنه صوت المرضى والجياع ‘صوت النساء الثكالى والأطفال الأبرياء .
و من خلف ستار غزة مسلمون جالسون في مآتم الحزن يذرفون دموع العجز و تتمتم شفاههم بكلمات يلعنون بها حكوماتهم ويرددون ... ياليتنا كنا معكم .
ثلاثون عاما و النظام الإيراني يسير كل عام مظاهرات حاشدة باسم " يوم القدس " ولم يترك نظاما عربيا أو إسلامياُ ( ماعدا نظام دمشق) إلا ونعته بالكفر أو الخيانة بدعوى أن هذه الأنظمة لم تنهض لتحرير فلسطين .
ثلاثون عاما وحناجر ملالي طهران تنبح بالشعارات الزائفة المنادية بمحو إسرائيل ولكن هذه الشعارات لم تكن سوى غطاءاً لمحاربة العراق على مدى ثمانية سنوات ثم مساعدة الغزاة على احتلال أفغانستان المسلمة والتباهي بما فعلوا ولما فعلوا ولم يستنكر عليهم أحد .
تمادوا وأفتوا بشرعية احتلال العراق وأسموه تحريرا وحرموا مقاومة المحتلين‘ وبعد كل ذلك مازالوا يهددون بتدمير إسرائيل!‘ والبلهاء من الأمة يصفقون والقابضون للتومان ( اسم العملة الإيرانية ) من أصحاب المؤتمرات القومية والدكاكين ذات اليافطات الدينية يتقاطرون على عاصمة الجمهورية الإيرانية مقبلين أيادي المرجعية الثورية!!.
تذكروا قبل أقل من عام واحد فقط ماذا قال أمين عام حزب الله ‘ الذي ترك مزارع شبعة وقرية الغجر خلف ظهره بيد الاحتلال وذهب لإغراق بيروت بالدماء‘ " إن اليد التي تمد على سلاح المقاومة سوف أقطعها حتى لو كانت يد أبي "‘ اسألوه ماذا عن اليد التي تمتد اليوم على المسلمين في غزة وتقتلهم بالجملة فلماذا لا يعمل أو حتى يهدد بقطعها ؟.
لماذا يحتل حسن نصر الله بيروت ويسفك الدماء ويزهق الأرواح اعتراضا على قرار الحكومة اللبنانية عزل ضابط أمن المطار الذي وجد مقصرا في مهمته ‘ لكن حميته الثورية أصبحت خاملة مهملة واقتصرت فقط على خطاب تحريضي هزيل يطالب به شعب مصر بالتحرك من أجل مساندة أهل غزة ؟ .
فوا عجبا لهذا النفاق‘ فهل أهل مصر وحدهم المعنيون بغزة دون غيرهم ‘ ومتى كان المصريون نيام عن نصرة فلسطين و قضايا الأمة حتى أصبحوا اليوم بحاجة إلى مقبّل أيادي حاخامات طهران لكي يذكرهم بواجبهم ويستنهضهم للقيام به؟ .
المتابع هذه الأيام لشوارع الضاحية الجنوبية في بيروت و شوارع قم وطهران ومدن النجف وكربلاء وغيرها من المناطق التي يسكنها اللطامون ‘يجدها تعج بمواكب اللطم و النياح ‘ فحكومة الاحتلال في العراق تقول أنها أعدت أربعين ألف جندي وعنصر شرطة لحماية مواكب اللطم في النجف ومثلهم في مدينة كربلاء.
وفي إيران أعلنت الحكومة إنها وضعت كافة الإمكانيات من وسائل نقل ومستشفيات ومراكز شرطة وجيش وغيرها من المؤسسات الأخرى في خدمة مواكب اللطم طوال عشرة محرم ‘ والبرلمان الإيراني عطل أعماله والجامعات والمدارس أوقفت التدريس في هذه الأيام لإعطاء الفرصة للنواب والطلبة و الأساتذة للمشاركة في مواكب اللطم . لماذا يلطمون ‘ يسأل سائل ؟ الجواب‘ يلطمون على الحسين الثائر‘ يا إلهي أي عقيدة هذه !.
إنهم حرفوا واقعة كربلاء ‘ قالوا إن واقعة كربلاء مناسبة حزن وبكاء !‘ مع أن أكبر بطولة تاريخية سجلت في كربلاء‘ فهل نبكي لها ونندب ونضرب على صدورنا و رؤوسنا‘ أم ننهض مثل الحسين لنضرب بيدنا على رؤوس المحتلين ؟.
غيروا حقيقة ثورة الحسين وقالوا أنه مثل يزيد كان قصده السلطة ‘ فهل كان كذلك فعلا ؟ ومن سخرية ما يفعلون أنهم يرفعون شعار " هيهات من الذلة " في بلد صغير ومسالم كالبحرين‘ ولا يرفعونه في العراق الذي أشبع المحتلون أهله إهانة وذلة بلغت حد اغتصاب العفيفات وانتهاك المقدسات ‘ ويجندون أربعين ألفاً لحماية مواكب اللطم ولا يجندون عسكريا واحدا لمناصرة أهل غزة الذين يذبحون . أليست غزة اليوم كربلاء ؟ ‘ واعجبا من قوم أصبح النفاق دينهمُ ‘ وما أدراك دينهمُ ؟.
صباح الموسوي - كاتب أحوازي
بتاريخ 3 - 1 - 2009