دبكة فلسطينية بأعلام صهيونية ! - أيمن الشعبان

بواسطة قراءة 4203
دبكة فلسطينية بأعلام صهيونية ! - أيمن الشعبان
دبكة فلسطينية بأعلام صهيونية ! - أيمن الشعبان

وبحسب الموقع فقد حضر عدد كبير من وجهاء ومخاتير ومواطني تلك القرى، الواقعة جنوب الجزء الشرقي لمدينة القدس، وتخلل الحفل عروض للكشافة ودبكة وكراتيه! وكان عريف الحفل المقدسي! رمضان دبش رئيس الهيئة الإدارية للمركز الجماهيري، والذي قدم بدوره الشكر للبلدية ومؤسسة مفعال هبايس! كما نشر مع الخبر العديد من الصور، لهذا المهرجان المختلط! وعدد كبير من النساء المقدسيات المحجبات! وفئات عمرية مختلفة.

السؤال الذي يطرح نفسه .. هل وصلنا لمراحل متقدمة، من الرضوخ لواقع الاحتلال، والرضا بتبعاته صغيرة كانت أو كبيرة؟! أم بات الاستسلام والخنوع والخضوع أمرا واقعا، والتطبيع الشامل! حكمة وعقلانية؟!.

أن يقتحم الصهاينة بأعلامهم المسجد الأقصى ويدنسوا قداست ه، بقوة السلاح والغلبة والقه ر، أمرا مبررا نتيجة النفوذ والسطوة والإمساك بزمام الأمور، لكن أن نرقص بإسم التراث الفلسطيني! بجانب علم الاحتلال، مبتهجين بهذا الإنجاز، بالقرب من مسرى النبي عليه الصلاة والسلام، فهذا مما تحار العقول بوصفه!.

أسرلة التعليم، وتهويد العقول، وصهينة الثقافة،وعبرنة المسميات، وتطويع النفوس، واستساغة الاحتلال، والاندماج والتعايش شبه الطبيعي، قَطَعَ المغتصب اليهودي فيه شوطا متقدما، بل برع وتفنن في أشكاله وهيئاته وصوره!

أن يحصل هذا في قرى فلسطينية مقدسية، كانت عصية على الاحتلال ولها تاريخ جهادي عريق، ومواقف مشرِّفة، ويحظى أهلها بالمحافظة والالتزام، وللحركة الإسلامية فيها نشاط كبير وتواجد؛ يُعد انتكاسة وتحول خطير، له تبعات مؤسفة وشره مستطير!.

رئيس مجلس إدارة تلك المؤسسة الجنرال عوزي ديان، هو قريب الوزير اليهودي السابق موشي ديان، كما أنه رئيس الاستخبارات الأسبق للكيان الصهيوني! وعضو في حزب الليكود، ومقرب من نتنياهو، كما شغل عدة مناصب مهمة منها( قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال، ونائب رئيس هيئة الأركان العامة، ورئيس مجلس الأمن القومي، ورئيس شعبة التخطيط في قيادة الجيش، ومهام أخرى )! وهو من الداعين لتكثيف عمليات اقتحام المسجد الأقصى! بمعنى أنه تاريخ مليء بالقتل وسفك الدماء ضد الفلسطينيين!.

نير بركات رئيس بلدية القدس التابعة للاحتلال، يؤكد مرارا أن القدس بأكملها عاصمة أبدية لإسرائيل! رافضا حتى مقترح أن يكون الشق الشرقي عاصمة لدولة فلسطين! كما أنه يقول: على الفلسطينيين أن يتخذوا رام الله "قُدسا جديدا" لهم وتسميتها "القدس الشمالية" لو أرادوا!.

قد يكون هنالك تنسيق وتواصل، بين بعض الفلسطينيين والمؤسسات الخدمية اليهودية، كواقع احتلال لا مفر منه، لتنظيم بعض الجوانب الحياتية، لكن ينبغي أن يكون بحدود دنيا، دون أي تنازل أو تهجين وتطويع وتطبيع! يصل لهذه الحدود المزرية!.

رحم الله نور الدين زنكي، عندما رفض التبسم في رواية حديث مسلسل، بطلب من علماء، وغضب واحمر وجهه وقال: " كيف أبتسم والمسجد الأقصى في بيت المقدس، راسف في قيود الذل والهوان تحت سنابك خيل الأعداء"! وكذا صلاح الدين الذي أقسم أن لا يضحك حتى يستعيد بيت المقدس!.

والعجيب أن ينشر هذا الخبر مع الصور، موقع "بانيت" وهو من المواقع الأكثر ريادة، في فلسطين والعالم العربي، والذي يصف نفسه بأنه مبني لخدمة احتياجات السكان العرب الفلسطينيين في "إسرائيل" " عرب 48"! وبنسبة أكثر من 86% من متصفحي الانترنت في فلسطين من رواده! وأعلى نسبة زوار بأعمار ( 18-25 سنة )!.

عندما تصل الأمور لمرحلة متقدمة من طمس العقول، وانتكاس الفطرة، وقلب المفاهيم، وتغيير الحقائق، واستساغة الأعداء، واعتبارهم مؤسسة خيرية تربوية خدمية اجتماعية! ولو بلسان الحال؛ فهذا نذير شؤم، وانهزامية مقيتة، ومؤشر قد يكون الأخطر في صراعنا مع اليهود!.

من يظن أن الاحتلال يقاتلنا بآلته وترسانته العسكرية، بعيدا عن الاستهداف العقدي.. التاريخي.. الثقافي.. التربوي.. الاجتماعي.. السلوكي.. الأخلاقي..النفسي؛ فهو واهم! لأن تدمير العقول، وتقزيم الصراع، وسلب الإرادة، وتوجيه الأدمغة وبرمجتها، وفق خطط وآليات وأهداف الأعداء أخطر بكثير، من هدم المنازل والاستيلاء على القرى والمدن، وقتل وتشريد البشر وقلع الشجر!.

إن هدم المسجد الأقصى حجرا حجرا، أهون من هدم العقلية المسلمة عموما والفلسطينية بوجه خاص، أو تغيير المفاهيم والمبادئ والثوابت، لأن الإنسان بما يحمل من معتقد وإيمان راسخ يحافظ على المقدسات، وهو من يستعيدها بما يحمل من همّ ومسؤولية وعمل دؤوب وفق شرع الله وبعيدا عن التنازلات.

لكن لو هدمت العقول وسلبت الثقافة، حينها تضيع المقدسات والأوطان ولا بواكي عليها، ولن تُسترجع حتى نستعيد الفطرة السليمة الرافضة للاحتلال بجميع أشكاله، والعقل السديد الراجح، والفهم البعيد الثاقب لما يحصل، مع إيمان كبير وتحقيق للعبودية التي أمرنا بها ربنا سبحانه، وإدراك حقيقة الصراع مع الأعداء!.

 

المصدر : مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية

15/2/2014