كان يا مكان في حديث الزمان ...... مدينة في الليل من حولي نائمة .. يخترقها نهر كان يسهر ويضرب بأمواجه الهادئة ..... للصخور ..... مع لمعان النجوم ..... وكنت أتأمل لمعان النجوم وبريق الندى على حبات النارنج قبل الشروق ..... مع النسمات .... مع المسافات ... وأستلقي على فراشي تحت حبات النارنج ... وما بين الصحو والمنام .... استرق النظر إلى قطرات الندى ... تداعب قدمي وريقات الشجر المتساقط مع أرق النسمات... وقبل أن يداهمني النعاس ... حيث تتداعب القطط وتتشاجر وتلاحق بعضها البعض ... وقبل أن يأتي بعد الأفق الدفء على فراشات الحقول .. وعلى البلابل ناقرة التمور ... بدأت تشع في أعماقي ... لحظات احتساء الأفراح ... والنشيد في الزمان ... وبهجة القلوب وهي تلوح بالأفق كالنجوم ... حينها تقاسم الآباء والأمهات ... الأبناء والبنات .... الخالات والعمات .... الجد ... الجدة .... العم ... وابن العم .. الخال ... وابن الخال .. وكل ذوي القربى ... تقاسموا وافترشوا الحب في لحظات الحنان ... على القلوب ... على الأمل ... على الروح .... وتشع في أعماق الجسور الممتدة بينهم أناشيد الربيع .. أناشيد الحنين ... أناشيد المدى مع قطرات الندى ... تملؤها بسمة البسمة ... وتغمرها جداول البهجة ... رياحين القلوب وتطاير القرنفل لتفتح الستار المسدول ... وحينها أرى ... نداء الأفراح ... لقاء الجد بأحفاده ... تغريد الأطفال في يوم العيد.. يحسدهم طير العندليب ... والفرحة تغمر البعيد قبل القريب .... وأولاد العم بلقائهم يسمع الضوء همسات سعادتهم وودهم ووئامهم ... فيخبر الأيام عن قوافل الحب ... عن السلام ... عن تفاصيل السعادة ... عن الشوق يرتمي بين طيات الأحضان .... الى أن طرق الظلام أبواب الأيام ... وكانت حكايات الضوء كأنها أحلام .... وارتمت القلوب تتأمل عودة السعادة والود والوئام ... وشهدت بذلك الأيام ... واستنشق الظلام همس الصباح ... وقبلات السعادة .... وهتف الكون ذات ليلة ... اطردوا تعاستكم ... ستأتي زوابع الخريف وتذرف دموع العيون على شواطئ المطر ... ولن تلتقط السعادة أنفاسها ... هتف الكون ذات ليلة ... ستذوب أفراحكم في أنفاس أحزانكم .... وعبر المحيطات ... ستأتي لتذيب القلوب ...لتذيب الآمال ... ستأتي لتذيب صخور الجبال .... لتقذف بالحب داخل كأس النار ... ستأتي القنبلة .... وحينما أتت .... حينما هوت .... حينما سقطت ... اسودت الأزهار ... والغضب داعب المدينة ليل نهار ... وأمواج النهر الهادئة ... أضحت نار ... والجسر الممتد بين الجد وأحفاده ... بين الأب وأبناءه ... بين الأخ واخوانه ... بين العيد وأطفاله ... أشعله الغدر ممطرا أعمدة الصوت ... ومن الأفق امتدت يد القنابل .. وأمطرت لوعات الغربة لتسدل الستار المفتوح .. وأنا أتغزل ببريق الندى على حبات النارنج .. قبل سقوط القنبلة وقبل استيقاظ صوتها يسبح في ظلال صوتي ... وقبل مصرع أفراحي وابتساماتي .... امتدت الآهات ونامت على جانب جسدي الذكريات ... الدورة .. المشتل ... البلديات ... وتأملت المر ... والعذابات ... وسألتني كل الحبات ... من الذي ألقى القنبلة ؟؟؟؟ على الجد والجدات ... على الآباء والأمهات ... على الأبناء والبنات ... على الخالات والعمات ... على ابن العم وابن الخال ... من الذي ألقى القنبلة لتطير بهم على جناح الفرقة... وقوافل الخفقان ... لتقذف بهم بين السهول والوديان ... في كل البلدان .. من الصين وحتى الولايات .. مرورا بكل القارات ... حتى ظننت أنها أحلام لأن الشمس كانت تحكي أجمل الكلام والذي تحطم في زوايا الظلام .... وتحسرت أمواج النهر في المدينة النائمة من حولي لأمطار الشوق ... بدفء الجد وحنان الأمهات ... بشوق العيد لأصوات تغريد الأطفال ... وهمسات الليالي ... وضياء القمر .... ويغمض الجفن ويغلق الستار الشارد لتستمر ينابيع الشغف للمدينة النائمة من حولي ومازالت قطرات الندى على حبات النارنج تتسائل .. من الذي ألقى القنبلة ؟؟؟؟؟؟ .وشكرا للأخوة الأعزاء في هذا الوطن الجميل فلسطينيو العراق .
أخوكم خالد نواف أبو الهيجاء
أبو سيف
ولاية تكساس / مدينة هيوستن
الولايات المتحدة الأمريكية
27/10/2011
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"