بقلم : رشيد جبر الأســعـــد (أبو مــحــمــد)
انضمام أبو درة لقيادته :
من اجل تعزيز الثورة الفلسطينية وتوحيد
وتنسيق المواقف والإضراب الفلسطيني العالمي الشهير , انضم للعمل الجهادي معه وتحت
لوائه العديد من القادة والأحرار و الابطال , منهم الثائر القائد يوسف سعيد ابو
درة (أبو العبد) :
(ولقد شاءت الاقدار ان يلتقي الشيخ يوسف سعيد
ابو درة بالمجاهد الكبير الشيخ عبد الرحيم الحاج محمد يوجه الشيخ يوسف ويرشده
ويبالغ في تدريبه وتعليمه حتى اصبح الرجل الثاني بعده في الجهاد في جميع انحاء
شمال البلاد).[1]
يضيف الدكتور علي صافي حسين :
(وقد ظل - رحمه الله - اي يوسف ابو درة -
يلازم استاذه في العسكرية وقائده في الحرب والقتال الشيخ عبد الرحيم حتى استشهد
عبد الرحيم محمد. يتابع المؤلف عن علاقة ابو درة الكفاحية بالشيخ عبد الرحيم حاج
محمد :
ويذكر الذين اجتمعوا به وخالطوه انه كان
شديد الحب للشيخ عبد الرحيم عظيم الوفاء له.
وقد ظل يذكره بالاجلال والاكبار طيلة
حياته.)[2]
من حلمه:
هكذا الفروسية.. هكذا التسامح الاسلامي..
بينما كان الثوار يقومون بدورية استطلاعية في احد المناطق اذا صادفهم شخص مدني
يهودي يعمل بصفة (مهندس) فاقتادوه لقائد فصيلهم دون ان يمسوه بسوء ليبت في امره
ويقرر مصيره , فأمر قائد الفصيل بأعدامه , الا ان هذا المهندس اليهودي سمع
بأخلاقية وعدالة القائد عبد الرحيم الحاج محمد ونبله وحلمه فترجاهم ان يستأنف
الحكم ويرسلوه لقائدهم ابي كمال وبالفعل تم له مقابلة القائد ابي كمال وتشفع عنده
انه ليس له علاقة لا بالصهيونية ولا الاعمال المسلحة او قضايا الجاسوسية , وبعد
الاقتناع ببرائته وتقديم الاعتذار له واطلاق سراحه بعد ان قال لجماعته :
-( ان هذا المهندس غير محارب , وهو ذو
أسرة وأطفال , والاسير لا يقتل...).
ففرح اليهودي لقرار العفو العادل.. واراد
ان يقدم مبلغ من المال مبلغ كبير افتداء لنفسه.. رفض القائد اي افتداء وطلب من
رجاله ايصال هذا الاسير الى اهله وتأمين وصوله لاهله بأمان بعد حراسته.. ورفض عبد
الرحيم الالف جنيه التي عرضها هذا المهندس..والثورة بحاجة الى جنيه.. هذا هو خلق
المحارب الشريف , المحارب الشهم , كتب الاديب الاردني عيسى الناعوري عن هذه
الحادثة معلقاً :
(.. فتأملوا هذه الانسانية الرحيمة , كيف
تعامل حتى الاعداء في اوقات ضعفهم ! انه لمثل رائع يضربه عبد الرحيم الحاج محمد في
الحلم والرحمة والعدل..)[3]
راجع فيما بعد بيان هذا القائد حول هذا اليهودي
المدني الاعزل..
تشكيل محكمة الامة : أصدر قائد الثوار المجاهد عبد الرحيم
الحاج محمد بياناً امر فيه (تشكيل محكمة الثورة) محكمة الامة والشعب , لتصريف امور
المواطنين كافة , دون تمييز او عناء , دون رسوم , محكمة وقاضي واعضاء روحهم العدل
والسماحة والانصاف واحقاق الحق المستمدة من العقيدة الاسلامية , من الكتاب والسنة
, وطلب ابي كمال من ابناء الشعب العربي الفلسطيني كافة بعدم مراجعة دوائر ومحاكم
ومراكز ادارة الانكليز الهوجاء حليفة الصهاينة.
وبالفعل اخذ المواطنون يترددون , لهذه
المحكمة في قضايا زواج وطلاق وطالب ومطلوب ونزاعات وجنح وغيرها من الحالات , كان
القاضي هو (عبد القادر اليوسف عبد الهادي) ونشر عبد الرحيم في صفوف شعبه مفاهيم
العدل والحرية والكرامة والنزاهة.. والمساواة والتسامح.
وقد اعترف الجنرال البريطاني (هايننج) في
تقريره السري المرفوع للمسؤلين او للادارة البريطانية في فلسطين ولندن متطرقاً الى
محاكم الثوار الفلسطينين الناجحة العادلة والقانونية قائلاً :
- لقد شكلت محكمة
الثوار على نحو قانوني بحيث ضمت قضاة وشهوداً وسجانين وحتى الشعر المستعار.[4]
الملك
غازي : ملك العراق غازي بن فيصل رحمه الله كان
رجلاً غيوراً وحاكماً عربياً وطنياً صادقا ومخلصا يعمل لاجل نهضة العراق ووحدته والنهوض به الى
مصاف الامم المتقدمة , وكان رحمه الله قد ضاق ذرعاً بسلوك الانكليز والسفارة
الانكليزية في بغداد وسياستهم الظالمة , ومع هذا استطاع هذا الملك الشاب الشجاع ان
يدعم الثورة الفلسطينية وفي اهم مراحلها بقيادة الشيخ عبد الرحيم الحاج محمد , وقد
تبادل الاثنان الرسائل , ودعم الملك غازي ثوار فلسطين وعبد الرحيم الحاج محمد
بالمال والسلاح والاعلام والذخائر , وكانت اذاعة بغداد التي تبث من قصر الزهور في
بغداد الحارثية قصر الملك تبث البيانات والبلاغات الحربية الفلسطينية والاناشيد
الحماسية من هذه الاذاعة بل الملك غازي احيانا هو الذي يقرأ ويذيع هذه البلاغات
لدعم الثورة الفلسطينية وقد اطلعني السيد (عبد الكريم عبد الرحيم ابو ناصر) في
الثمانينات على صور رسائل متبادلة بين الملك غازي وعبد الحاج محمد.. المهم في هذا
الشأن كان عراق الملك غازي يدعم ثوار فلسطين بالمال والسلاح والاعلام على المستوى
الرسمي والمستوى الشعبي , وحتى للاربعينات ومن الضباط الذين لهم علم بهذه الامور
اللواء الركن محمود شيت خطاب والشهيدان البطلان العقيد الركن صلاح الدين الصباغ
والعقيد الركن محمد فهمي سعيد , يمدان الثورة الفلسطينية بالسلاح والعتاد سراً ,
(وكنت يومها اسلم السلاح والعتاد لهؤلاء المجاهدين الفلسطينين في منطقة (ابو غريب)
من ضواحي بغداد. [5]
مع ابن عبد الرحيم :
(.. لم نرى أبانا ولم يرانا في البيت ,
لقد هجر البيت في سبيل الله وتفرغ كلياً لمتطلبات الجهاد , لنصرة ثورة فلسطين ,
ومقاومة الاستعمار والصهاينة وصد هجمتهم الشرسة على وطننا العزيز.. كنا أطفالا
صغاراً , أربعة , في رعاية وحضانة عمتنا العزيزة وأقربائنا في قرية ذنابة , مثلاً
علم احد أعمامي بمبيت والدنا هذه الليلة في قرية بلعا , او في طول كرم او غيرها من
القرى والمدن والجبال , فيأتي الينا مسرعاً وفي الليل بصورة سرية نركب الخيل خلفه
ونسير مسافة حتى نصل مكان تواجده , نسير مسافة غير قصيرة لنراه هو وجمع من اركان
حربه ومرافقيه ورجاله الابطال.. قد حلوا ضيوفاً تلك الليلة عند احد الاخوة او بعض
الاخوة حسب عدد الثوار فنراه ونسلم عليه , ويطمئن علينا , ولم نكن نبكي او نتألم
لهذا الفراق المر , لاننا كنا نعلم ماذا هو يعمل , اصبح جهاده جزء منه , جزء من
حياته , وصفة ملازمة له فلم نكن نجزع حين نراه.. حتى لم يكن يقبلنا كثيراً.., لقد
كان الموقف , موقف اعتيادي وطبيعي بالنسبة له ولنا.., بمجرد نلتقي مع بعض , ويطمئن
علينا.. ثم نعود الى بيتنا في قريتنا في تلك الليلة.. وفي احد المرات جاء والدي الى
قريتنا ذنابة وحل عند اخيه (عمنا) الذي لا يفصل بين بيتنا وبيته سوى حائط فقط..
اجل لقد مضى عليه يومان في هذا المكان ونحن ابنائه الاربعة لانعلم به ولم نراه ولا
يفصلنا عنه سوى حائط..! ولكن كيف عرفت..؟ كنا نلعب الكرة.. فذهبت الكرة الى بيت
عمي.. فركضت خلف الكرة داخل بيت عمي لاجلبها.. فرأيت عمتي ونساء العائلة منهمكين
في اعداد الطعام وتهيئة اللحوم والدجاج والزغاليل.. والشاي والقهوة.. كأنه يوجد
عرس او مولد نبوي كما رأيت عدداً من الخيل الرابطة عند الباب ولفيف من الحرس..
وعرفت ان الامر غير طبيعي.. فسألت عمتي عن الامر فأجابت بأنه لايوجد شيء.. واخفت
عني تواجد ابي هو ورفاقه في احدى غرف البيت.. وبعد جهد وتفحص.. حتى عرفنا ان
والدنا هنا في البيت منذ يومين قد حل ضيفا هو ولفيف من الثوار على بيت عمي..فذهبنا
اليه وسلمنا عليه مثل كل مرة..بعد فراق دام اشهر..انه ابن الثورة وابن هذا
الوطن..وهو ليس ابانا نحن فقط.. انه اخ لكل الثوار.. واب لكل اطفال فلسطين..)
كان نجل القائد عبد الرحيم الحاج محمد
(عبد الكريم ابو ناصر) يعمل مهندساً في بغداد في معمل النسيج في الكاظمية وقد
اكتسب الجنسية العراقية , وكان له محل يديره بأسم (مرطبات العرائس) في حي الجامعة
, وقد تعرفت عليه , وكنت ازوره في هذا المحل , ومرة زرته في بيت المهندس توفيق
مصطفى مشينش أبو طارق في حي السلام (الطوبجي)مقابل جامع الحاج زيدان , هذا في فترة
الثمانينات , وقد عرف انه توجد لدي اهتمامات بهؤلاء الابطال فزودني في كثير من
رسائل والده والصحف والمجلات التي كتبت عنه , حتى اكتب الكتب او الدراسات او
المقالات , وفي فترة التسعينات زرته في مقر صحيفة (الثورة) العراقية في ساحة عقبة
بن نافع بحضور السيد حسن إبراهيم حمادة ابو غسان مدير الحسابات وفي كل مرة أزوره
يحدث معه لقاء وحوار ويزودني بأوراق تاريخية وقد قص عليّ الكثير عن والده.. رحمه
الله.
قال لي في احد المرات كيف ان والده يعيش
في الجبال والكهوف كثائر وقائد وفصيل وقائد ثورة 1936 في احد مراحلها وبأنه لا يرى
ابناؤه الصغار سوى مرتان او ثلاث في السنة وعن طريق الصدفة...
فقد حدثني اخي وصديقي (عبد الكريم أبو
ناصر) وهو أبن قائد الثورة الفلسطينية الكبرى بعد الشيخ القسام وفرحان السعدي في
الأعوام 936-1939 القائد البطل عبد الرحيم الحاج محمد أبو كمال من ذنابه كيف كان
والده يقوم بالعمليات النوعية الجهادية الكبرى الموفقة ضد عساكر الاحتلال.. قال لي
ولده عبد الكريم إن والدي لم نكن نراه بالسنة سوى مرات قلائل كل أشهر يأتي لبيتنا
مرة قبل صلاة الفجر بساعات ليكشف عن وجوهنا ويقبلنا ويغطينا ونحن نيام ومعه على
الأقل خمسون مجاهداًيحرسونه بالقرية فتقوم الوالدة بإعداد الطعام والقهوة والشاي
لخمسين شخص هي وبعض جيرانها وخلال ساعة.. ثم يغادر القائد ورجاله القرية بسرعة..
هذه هي المرأة الفلسطينية.. تعد الطعام والشراب لخمسين شخصاً خلال ساعة.. نعم
المرأة الفلسطينية الماجدة المعطاء..
من معارك القائد عبد الرحيم الحاج محمد (أبو
كمال )
كثيره هي العمليات الحربيه واعمال
المقاومة الموفقة والناجحة التي قام بها عبد الرحيم الحاج محمد قائد ثورة 1936
لأكثر من سنه ونصف ، واحد قاده ثورة 1936 والمجاهد الفلسطيني الذي تنكب سلاحة
وقاتل وسجن وقاوم وجرح.. عمليات تربو على 300 عملية ، نفذها وإخوانه ابناء شعب
فلسطين الأبي ، فأن كان ليس من المستطاع تدوينها كلها فعلى الاقل ايراد وتدوين بعض
هذه المعارك لهذا القائد الشهم ، المجاهد العلم.
معركة نور شمس وإسقاط طائرة وخسارة الجيش
البريطاني بالعشرات :
فقد نصب القائد عبد الرحيم الحاج محمد
ومعه 50 خمسون مقاتلاً ، نصب كميناً في احدى الشوارع والطرق الجبليه ، لقافلة
صهيونية التي يكون فيها مسلحون ، وتكون برفقة حراسه عسكرية بريطانية وذالك في
رابعة النهار ، مرت قافلة صهيونية قادمة من تل ابيب متجه الى حيفا في يوم
22\6\1936 بحراسة قوات عسكرية تتكون من الاليات والمعدات العسكريه الانكليزية
الكاملة ، وعند مرور القافلة في منطقة نور شمس ، كان الثوار قد وضعوا صخور في وسط
الشارع وهذه من الوسائل الشائعة والناجحه التي استعملها عرب فلسطين ، فتوقفت
القافلة لازالة الحجارة والعقبات من أمامها فكان المقاتلون الفلسطينيون في المرصاد
ويدهم على الزناد فأمطروها نارا حاميه ( اي لعناصر القافلة وحراسها ) الذين نزلوا
للشارع فتم قتل العشرات من العساكر الانكليز والصهاينة الذين طلبوا النجدة في
الحال ، ولكن القائد عبد الرحيم الحاج محمد كان قد وزع عدداً من فصائلة ومفارزه
على امتداد الشارع بمسافة 200 وصلت الى موقع المعركه ثلاث طائرات حربية انكليزية
مقاتلة. لترمي بكمية قنابل على مواقع المقاومة ، ثم وصلت قوات عسكرية انكليزية من
مدينة نابلس لنجدة هذه القوات المرتبكه.. المنهارة..، الا ان مفارز الثوار
المتواجدة والمرابطه قرب دير شرف حالوا بجرائتهم وشجاعتهم دون وصول هذه النجدات
وذلك بفتح النار عليها وأشغالها.. استمرت المعركه لمدة 7-8 ساعات في وضح النهار
قتل الثوار خلالها اكثر من 50 خمسين عسكري انكليزي وعدد اخر من الصهاينة وإعطاب
ثلاث سيارات للعدو واسقاط طائرة.. فكانت هذه العمليه بداية طيبه لثورة 1936 في
منطقة جبل النار وسقط 3 شهداء من صفوف ثوار فلسطين من ما مجموعه (50) من الثوار
الذين شاركو في هذه المعركة الكبيرة. [6]
معركة بلعا الأولى
وتعتبر من أهم المعارك الحربية التي جرت أثناء
إضراب عام 1936 العالمي الشهير وكان القائد عبد الرحيم الحاج محمد قد خطط لهذه
المعركة وقاد الثوار بنفسه , وتسمى هذه المعركة بمعركة (بلعا الاولى) , وعند قرية
بلعا يوجد جبال تعتبر من أعلى الجبال في منطقة طول كرم وتشرف هذه الجبال على
الطريق الرئيسية التي تمر بها قوافل و قطعات الجيش البريطاني والعصابات الصهيونية
, القادمة من حيفا عبر طريق طول كرم - عنبتا - ديرشرف - نابلس , ففي صباح يوم 10/8/
1936 سيطر الثوار على جميع الاستحكامات والخنادق الواقعة بين قرية بلعا ومدينة
نابلس , وبعد انتظار الثوار لمدة ليست طويلة مرت على هذا الطريق قطعات الجيش
البريطاني فباغتهم الثوار بأطلاق الرصاص عليهم , مما ادى الى تعطيل السيارات التي
توقفت ولم يكن من عساكر الانكليز الا النزول من سياراتهم محاولين الاختباء والتخفي
بين الصخور والاشجار على جانبي الطريق , لكن رصاص الثوار كان لهم بالمرصاد الذي
انهمر عليهم ولم يمهلهم اكمال التخفي والفرار فتم قتل العديد من جنود الاحتلال .
- ثم استطاع الانكليز الاتصال بقيادة
الجيش البريطاني التي أرسلت على الفور خمسة وعشرين سيارة عسكرية محملة بالجنود ,
منها خمسة مدرعات , وجاءت ايضا لارض المعركة خمس طائرات .. كل هذا لم يفت في عضد
الثوار ولم يخيفهم الذين واصلوا المعركة واطلاق النار تجاه عساكر الاحتلال استمرت
المعركة من الصباح حتى غروب الشمس وانسحاب الانكليز الذين تركوا (60) ستين قتيلاً
وجريحا منهم , وحينما غادر الثوار المنطقة وضعوا بعض الالغام في الطريق . فانفجر
احد الالغام تحت سيارة انكليزية وتم قتل من فيها وهم ضابط بريطاني واربعة جنود ,
وهذه ايضا المعركة معروفة بمعركة (المنطار) المشهورة نسبة الى جبل المنطار القريب
من قرية بلعا . [7]
في معارك نابلس الشهيرة..
ففي مساء احد الأيام (1) مع تصاعد الثورة
الفلسطينية , وتزايد اعمال المقاومة المسلحة , واتساع نطاق حرب العصابات في كل
انحاء البلاد , قرر القائد عبد الرحيم محمد مع اركان حربه ومستشارية وبعض قادة
المناطق والفصائل ان يشن هجوماً كبيراً وشاملاً على القوات البريطانية ومراكز
تجمعها في مدينة نابلس الصابرة .., فقسم البطل عبد الرحيم فصائل الثوار الى سبع
مجموعات , كل مجموعة تنقض على العدو المكلفة بمهاجمته على ان تنقض هذه المجموعات
على جنود القوات البريطانية في المدينة وضواحيها في آن واحد..
وزعت فصائل الثوار على شكل سبع فرق على
النحو التالي :
1- المجموعة الاولى - وترابط في الجهة
الشرقية من مدينة نابلس للهجوم على تجمع الجنود في هذا المكان ..
2- المجموعة الثانية - مهمتها مهاجمة
الجنود والحراس البريطانيين المتواجدين في النادي الرياضي ..
3- المجموعة الثالثة - مهمتها مهاجمة
الجنود الأنكليز المتواجدين في محطة السكك الحديدية ..
4- المجموعة الرابعة - تشن هجومها على جند
العدو المتواجد في بناية المحكمة الشرعية في نابلس ..
5- المجموعة الخامسة - تهاجم الجنود
المرابطين في المدرسة الغزالية ..
6- المجموعة السادسة - مهمة فدائييها ان
تهاجم مقر وسرايا الحاكم العسكري البريطاني العام في المدينة ..
7- المجموعة السابعة - ومهمتها ان ترابط
في سفوح جبال نابلس المحيطة بالمدينة , للسيطرة على الموقف , ومراقبة نشاط وتحركات
الجيش الانكليزي وحماية مؤخرة المجموعات الفدائية الستة المهاجمة , وتأمين انجاز
مهمتها وانسحابها بسلام ..... اخذت المجموعات المقاتلة مواقعها بعد المغيب في اول
الليل .. في انتظار اللحظات الحاسمة , ويدهم على زناد بواريدهم ورشاشاتهم المعدودة
.. وبعد فترة قصيرة جاءت التعليمات لمجموعات الثوار وفق إشارة معينة للبدء بالتحرك
.. وتنفيذ العملية بالهجوم المباغت .. والزحف على مداخل المدينة وفق الخطة
المرسومة ..
إبتدأ
هجوم ثوار فلسطين , وكان هجوماً مفاجئاً صاعقاً للعدو , مركزاً على الهدف .. جعل
سماء نابلس تتوهج من لهيب الرصاص والنار .. رصاص الثوار ونار الشعب واسرعت كل
مجموعة بالأنقضاض المباغت على هدفها المعني .. في المكان والزمان المحدد .. وفق
توجهات وخطة القائد عبد الرحيم الحاج محمد واركان حربة .. نشبت المعركة .. قوية ..
كثيفة .. متعددة الجهات .. معارك طاحنة .. أصلى بها الثوار جنود الاعداء الطغاة ..
وتستمر المعركة لساعات طويلة .. من جوف الليل .. تمتد الى ما بعد منتصفه .. اشترك
فيها المجاهدون من مدينة نابلس [8]ومن
خارجها .. اشترك فيها ثوار فلسطينيون وعرب من مختلف الفصائل والقرى .. لعب بها
البطل ابو كمال دور قيادي ورئيسي.. كان له أحسن الأثر في نفوس المواطنين الملتفين
حول قيادة الثورة .. صمد الثوار .. واستبسلوا .. مكبدين قوات جيش العدو المستعمر
الخسائر الفادحة والتي أدت الى قتل العشرات من جنده .. وانسحبت مجموعات الثوار
بشكل منظم , بسلام .. بعد ان اغاظ الثوار الانكليز ببطولتهم هذه هؤلاء الانكليز
الضعفاء الذين اظهروا حقدهم على الابرياء العزل .. طلع النهار وذهب الانكليز الى
احياء المدينة ليظهروا (مرجلتهم الجبانة)من تعذيب نساء واطفال نابلس الابرياء ..
وتعذيب عدد من رجال وشيوخ المدينة .. بعد ان ابدى مجاهدونا منتهى الشجاعة والاقدام
والبطولة المستمدة من روح الايمان بالله وبالنصر الاكيد (والله غالب على امره ولكن
اكثر الناس لايعلمون) .[9]
معركة كفر صور :
معركة كفرصور : وشارك القائد عبد الرحيم الحاج
محمد في معركة كفرصور . التي اندلعت في 8/10/1936 ، بين المجاهدين والجنود
البريطانيين , واشتركت فيها عشر دبابات انجليزية . فلما اقترب العدو من مكمن
المجاهدين , قابلهم بنيرانهم الحامية , وتغلبوا عليها , وغنموا واحدة منها ,
وعطلوا اثنتين . ومن الروايات البطولية التي حدثت في هذه المعركة , أن ثائراً
طاعناً في السن ظل يطارد دبابة , حتى نفذت ذخيرته كلها , فهاجمها بالحجارة , وظل
يرمي الدبابة بها , حتى استشهد تحت عجلاتها ... واستشهدت فتاة كانت تشجع المجاهدين
, وتحمل لهم الأسلحة والمياه , كما استشهد بعض المجاهدين السوريين , الذين هبوا
لنجدة المجاهدين .[10]
معركة النزلة :
معركة النزلة : بعد عودة ابي كمال من دمشق
و في تشرين الاول / اكتوبر 1937 , اتخذ من قرية النزلة الشرقية )قضاء طولكرم ) مقراً لقيادة الثورة ؛ وبدأ
يجمع الصفوف , ويعيد تنظيم وتدريبالثوار . وفي إحدى الليالي , بينما كان يقوم
بجولته الاعتيادية ؛ بين جنين وطولكرم , وعند وصوله إلى مشارف قرية النزلة , فوجىء
بحركة قريبة , فأمر رجاله بأن يتفرقوا , وأن يتخذوا لهم أماكن حصينة , يستطيعون
الاحتماء بها , للدفاع عن أنفسهم . وبدأ الثوار يردون على نيران العدو بالمثل ,
ودارت معركة طويلة , استمرت عدة ساعات , حيث أبلى فيها القائد , بلاءً حسناً ؛
ووصلت نجدات للثوار , قامت بالاستيلاء على الخيول التي كانت تستعملها القوة
المهاجمة , كما فكت الحصار الذي فرضه العدو , فاضطر إلى الانسحاب , بعد أن وجد
نفسه عاجزاً عن مقاومة الثوار . وقد اصيب أبو كمال بجراح بليغة في ذراعه , وتم
نقله إلى مغارة قرب القرية , حيث أشرف على تضميد جراحه الدكتور فؤاد دعبس , واستمر
في عمله النضالي , رغم جراحه .[11]
مقتل ضابط كبير..
في احد الايام بتاريخ /20/7/ 1938 أمر القائد البطل عبد الرحيم الحاج محمد
احد رجاله بوضع لغم في طريق ..سوف يسلكه العدو.. وبعد برهة قصيرة مرت سيارة العدو
في المكان الملغوم .. فآنفجر اللغم تحتها قرب قرية (بديا) في قضاء نابلس فأدى
الأنفجار الى مقتل جميع ركاب السيارة الانكليز .. وعلى الفور وكالمعتاد ارسل العدو
تعزيزات عسكرية الى مكان الأنفجار وكان تعداد تلك التعزيزات عدة الاف من الجنود
الانكليز وضباطهم وخبراء حرب العصابات ودبابات وطائرات وعجلات وحاملات المشاة ..
مع مختلف الاسلحة الثقيلة ..
فصمد البطل ورجاله , واحتاط للأمر ..
وتصرف بحكمة وسرعة مذهلة .. فأمر قسم من رجاله بالتصدي لتلك القوات ومهاجمة إمداداتها
وقوافلها .. وإشغالها , ومناوشتها .. , ووزع فصائله والتي لا يزيد عدد عناصرها عن
(150) مجاهد مع اسلحتهم الفردية القديمة وبعض الرشاشات .. وزعهم في عدة مواقع
منتشرين في جبهة عريضة كل حسب موقعه .. وفي اثناء القتال حضرت نجدات للثوار قدمت
من نابلس .. واستلمت مواقعها بجانب الفصائل المرابطة .. واستمر عبد الرحيم يقود
المعركة بأيمان قوي وثبات وعزيمة متناهية وأصطدم مع الأنكليز في عدة معارك ,وعدة
اشتباكات .. خاضها بشجاعة , قادها ببسالة فائقة .. استمرت الاشتباكات بين الثوار
الفلسطينيون وقوات الانكليز ساعات عديدة .. إمتدت الى طوال الليل .. فأسفرت عن
خسائر متعددة للعدو كانت كالتالي :
1- مقتل ضابط بريطاني برتبة كبيرة , اسمه
(بادنل) .
2- مقتل أربعة ضباط انكليز برتب مختلفه
...
3- مقتل ثلاثين جندياً إنكليزياً..
4- جرح العشرات من جنود العدو ..
5- تعطيل وتعطيب العديد من الآليات
والسيارات والناقلات ...
.. وانتهت المعركه وأمّن الثوار إنسحابهم .. بعد
ان قدموا ستة شهداء احرار ابرار وجرح خمس آخرين بجراح طفيفة ...
تابعوا معنا الجزء الرابع
"حقوق
النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر
المصدر"
[1] الدكتور علي صافي حسين: مجاهدون من فلسطين , كتاب
الجمهورية الديني الثقافي, القاهرة , طبع في مطابع شركة الإعلانات الشرقية, صفحة:
(72-73).
[2] الدكتور
علي صافي حسين: مجاهدون من فلسطين , كتاب الجمهورية الديني الثقافي , القاهرة ,
طبع في مطابع شركة الإعلانات الشرقية , صفحة: (73).
[3] عيسى
الناعوري (أديب أردني): بطولات عربية من فلسطين , صفحة: (62).
[5] من
مقدمة بعنوان: جهاد الفلسطينيين بقلم اللواء الركن محمود شيت خطاب , كتبها للمؤرخ
الوزير الليبي الشهيد صالح مسعود بو يصير في الكتاب الموسوم: جهاد شعب فلسطين خلال
نصف قرن , الناشر دار الفتح للطباعة والنشر , بيروت , الطبعة الثالثة 1989م
الموافق 1970م , صفحة (3).
[6] صبحي
ياسين: الثورة العربية الكبرى في فلسطين, نشر دار الكاتب العربي للنشر والتوزيع ,
وزارة الثقافة , القاهرة , 1967م ,صفحة (163-164). وزياد عودة: عبد الرحيم الحاج
محمد بطل وثورة , الطبعة الأولى , الأردن , 1984م , عمان صفحة: (18) , وانشراح
عاشور: عبد الرحيم الحاج محمد , قائد ثورة 936-1939م , دار الشجرة للنشر . ط 1
والتوزيع , دمشق , تقديم عبد القادر ياسين , 1993م دمشق , ص (34).
[7] صبحي
ياسين: الثورة العربية الكبرى في فلسطين , صفحة (167-168) , وزياد عودة: عبد
الرحيم الحاج محمد بطل وثورة , صفحة : (23-24) , وانشراح عاشور: عبد الرحيم الحاج
محمد القائد العام للثورة الفلسطينية 936-1939 , صفحة: (35).
[8] اشترك الثوار في هذه المعركة عشرات من
رجال نابلس منهم الأخوة جرير خلف , تيسير جابر , فضل الله الجابر , محمد احمد ,
عمر رزق , نبيه بلعوط , حامد شعبان , والمجاهد مصطفى الاسطة واخيه احمد الاسطة ..
وغيرهم ..
[9] صبحي ياسين: الثورة العربية الكبرى في فلسطين , صفحة : (162), (بتصرف
بسيط..).
[10] عيسى ألسفري: فلسطين بين الانتداب والصهيونية , فلسطين, يافا 1937م صفحة:
(160), وانشراح عاشور: عبد الرحيم الحاج محمد , صفحة, (37).
[11] زياد عودة: عبد الرحيم الحاج محمد بطل وثورة , صفحة (70), وانشراح عاشور:
عبد الرحيم الحاج محمد , صفحة :(37).