بسم الله الرحمن الرحيم
هاوية التكفير
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون .
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا .
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم . ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما .
أما بعد:
فانه يحلو لكثير من الناس اليوم أن يمارس هوايته المفضلة في تكفير المسلمين والحكم عليهم بالردة من الاسلام والخروج عنه ومن ثم استحلال دمه وماله خاصة عند الحديث عن المخالف له فردا كان او جماعة.
فتجد منهم من يصف الجماعة الفلانية بالتكفير ويلزمهم بالبدع والخروج عن الاسلام لأنها خالفته في قضية من قضايا الدين او في حكم من مسائل مختلف فيها متجاوزا كل الخطوط الحمراء والضوابط الشرعية والقواعد المرعية والتحذيرات النبوية التي حذر فيها من الوقوع في هاوية التكفير والخوض في دماء المسلمين وأموالهم واعراضهم فطال التكفير للاحزاب والمنظمات والهيئات والعلماء والدعاة والأساتذة والمفكرين والعاملين في حقل الدعوة والقائمين عليها....وصل الحال عند بعض الغلاة ان يكفر كل من لم يكفر من كفروه!!
إننا لانشك ان من بين هؤلاء مؤمنين تحدوهم الغيرة على العقيدة وسلامة الدين ولكن يخشى عليهم الوقوع في محاذير خطيرة وآثام قد تتسبب في بطلان عملهم اذ ان الفتوى في هذه المسائل جدا خطيرة، لان تكفير المسلم ليس بالامر الهين وليس هو من باب الاجتهاد الذي يكون للمصيب فيه اجران وللمخطئ اجر واحد بل ان الخوض فيها قد يبطل العمل او يعود بحكم الكفر على مطلقه.
هذا معتقد أهل السنة والجماعة، أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة، وعرفنا أهل القبلة من هم ، هم الذين استقبلوا القبلة في الصلاة والذبح والتزموا بالإسلام، ولم يفعلوا شيئا من نواقض الإسلام، لا نكفر أحدا منهم، ولو فعل ذنبا ولو زنا أو سرق، إذا لم يستحله، لا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله، يعني إذا فعل كبيرة المسلم؛ زنا أو سرق أو شرب الخمر أو تعامل بالربا، أو عق والديه، أو قطع الرحم، نقول: هذا عاصٍ، عاصٍ مرتكب لكبيرة، ضعيف الإيمان ناقص الإيمان، إلا إذا استحلها، إذا قال الزنا حلال أو الخمر حلال أو الربا حلال أو عقوق الوالدين حلال، كفر؛ لأنه مكذب لله، مكذب لله في تحريم الزنا، مكذب لله في تحريم الربا، مكذب لله في تحريم عقوق الوالدين، ولا بد أن يكون هذا الذي استحله ما فيه خلاف بين أهل العلم، أمر قطعي، إما واجب أو حرام إذا أنكر أمرا واجبا، كأن أنكر وجوب الصلاة، أو أنكر وجوب الزكاة، أو أنكر وجوب الحج، هذه أمور قطعية -كفر، أو أنكر تحريم أمر معلوم من الدين بالضرورة، أنكر تحريم الزنا أو تحريم الخمر أو تحريم الربا أو تحريم عقوق الوالدين -كفر، أما إذا فعله ويعلم أنه حرام، ويعلم أنه.. أن الزنا حرام، يعلم أن الربا حرام، لكن فعل الزنا غلبته الشهوة طاعة للشيطان، فعل الربا غلبه حب المال، نقول هذا عاص ضعيف الإيمان، مرتكب لكبيرة.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً ) (94النساء).
ومما ورد في سبب نزول هذه الآية عدة روايات:
أ-حديث ابن عباس (رضي الله عنه) قال ((مر رجل من بني سليم بنفر من أصحاب النبي (عليه الصلاة والسلام) وهو يسوق غنما له فسلم عليهم فقالوا ما سلم علينا إلا ليتعوذ منا فعمدوا إليه فقتلوه واتوا بغنمه الى النبي (عليه الصلاة والسلام) فنزلت)) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ)الآية(1) رواه لترمذي.
ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم) ((من شهد أن لا اله إلا الله واستقبل قبلتنا وصلى صلاتنا واكل ذبيحتنا فهو المسلم لهو ما للمسلم وعليه ما على المسلم))رواه البخاري والنسائي وهو في جامع الأصول.
ب-حديث أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم)((اذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها احدهما )) أخرجه البخاري.
ج-عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ((من لعن مؤمنا فهو كقتله ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقتله )) أخرجه البخاري.
وكلنا أمل بالله ان يقرأ إخواننا هذه الرسالة ويقلعوا عما هم فيه من هذا الغلو والتطرف وينتهوا عن تكفير المسلمين وقتلهم واستباحة دماءهم وأموالهم ويكفي المسلمين ما أصابهم من عدوهم فلا تكونوا على المسلمين أعوانا وكونوا لهم أنصارا,,,,,,,
ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد
الهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه آمين يارب العالمين وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أ.هـ
عبد الله الأحمد- بغداد
31-1-2010