مرور 20 عاما على وفاة أخي المرحوم بإذن الله حمدان جبر الأسعد - رشيد جبر الأسعد

بواسطة قراءة 7828
مرور 20 عاما على وفاة أخي المرحوم بإذن الله حمدان جبر الأسعد - رشيد جبر الأسعد
مرور 20 عاما على وفاة أخي المرحوم بإذن الله حمدان جبر الأسعد - رشيد جبر الأسعد

بسم الله الرحمن الرحيم

ان الحمد لله ، نحمده ، ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له، واشهد ان لا اله الا الله وحده لاشريك له واشهد ان محمداً عبده ورسوله.

وبعد :

          هذه بعض السطور والصفحات عن أخي الراحل المرحوم بإذن الله حمدان جبر الأسعد (ابو جمال) مبينا فيها بعضا من جوانب سيرته وحياته الشخصية والسياسية والنضالية،بعد ان عمل طيلة ربع قرن في صفوف وكوادر منظمة التحرير الفلسطينية ابتغي من ورائها التوثيق،لاغير . والله وراء القصد . ولد اخي حمدان في خربة او عزبة المنارة،قرية اجزم قضاء حيفا في عام 1944او عام1945 في طفولته بالمنارة بفلسطين تعرض لحادث طارئ بينما كان يلعب يريد ان يقفز على برميل واذا به يقع ويرتطم في بطنه بقوة على حافة البرميل .. ومرض وكاد ان يموت ، ولكن الله سبحانه وتعالى جعل اسباب الشفاء كما جعل أسباب الوفاة .

جاء لوالدي المرحوم بإذن الله امين الشيخ حسن ( ابو لطفي) وطلب من والدي الاسراع في نقل الطفل المريض حمدان الى الطبيب،اخذه والدي وذهب الى المدينة حيفا وقدّر الله انه كان اسم الطبيب حمدان (انهم يسمون بأسماء عرب احيان مثل حمدان ،عادل،يوسف،هارون،مؤيد،ابراهيم ،وهكذا...)عالج الطبيب حمدان وشفي والحمد لله .

          وفي عام 1948 والهجرة للعراق ،كانت سكنانا في محلة (قنبر علي)الشعبية بعد فترة، ايام في ملجأ الفرع، والزوراء ،وانتهى بنا المطاف في محلة قنبر علي الشعبية في بغداد .

          دخل حمدان مدرسة بني سعيد الابتدائية وكان معه في المدرسة ابن عمه عبداللطيف احمد (ابو ليث) واحمد فرحات (ابو احمد) وخليل اليازوري تيم ابو ايمن وحامد اليازوري وواحد من خارج (المثلث) من بيت الكيالي وغيرهم من تلاميذ الدراسة الابتدائية .

كان في مدرسة بني سعيد الابتدائية للبنين في محلة (ابو سيفين) شارع الكفاح ببغداد، معلم اسمه (عبيد العاني )،مدرس مادة(الدين والتهذيب)أي مادة (التربية الإسلامية) كان يعمل دروس بعد انتهاء الدوام ويعلم التلاميذ على الصلاة وكيفية الوضوء والحث على قراءة الكتب التاريخية والإسلامية،كان يجلب الكتب الصغيرة عن الصحابة رضي الله عنهم وقادة المسلمين الأبطال سعر الكتاب الصغير الواحد من( 20او30) فلسا طبع دار النذير.فكانت لدى اخي حمدان معلومات عن الحركة الإسلامية وانتكاستها بعد ان تعلم على يد المعلم عبيد العاني. واعتقد ان هذا المعلم من الاخوان .

          في محلة (التوراة)ملجأ (منشي صالح) ونسميه بإسم الحارس الفلسطيني ملجأ المرحوم بإذن الله طلفاح خضر الدوايمة، كنت انا واخي احمد وجارنا المرحوم بإذن الله علي حسن المشعور نجلس حول اخي حمدان لنستمع اليه بشوق ولهفة عن الحركة الإسلامية وغدر وقتل حسن البنا وغيرها من الامور التي عرفها حمدان ولم نكن نعرفها امور واحداث سياسية مثيرة عديدة انذاك..

          في عام 1957 وإبان ثورة  الجزائر العربية المسلمة وجهاد اهل الجزائر وتعاطف الشعب العراقي معهم ،وحملات التبرعات العينية والمالية البسيطة التي تجمع من الشعب العراقي قبل ان يظهر عبدالكريم قاسم ويتبرع بالملايين لهذه الثورة في احدى حالات الدعم المدرسية للجزائر واخي حمدان تلميذ في الصف السادس الابتدائي نزع ساعته من يده وتبرع بها لثوار الجزائر التي لا يملك غيرها ثم حث والدي ووالدتي على التبرع بالمال فسلموه مبلغ قدره 3 دنانير اذا (علمت ان كيلو اللحم آنذاك 140فلس أي الدينار الواحد تشتري به اكثر من 6 كيلو لحم آنذاك والحياة رخيصة والنقد شحيح) تبرع أخي ثلاثة دنانير للجزائر عن طريق المدرسة .

في عام 1959 كان حمدان مواظب على الصلاة والعبادات فيتردد على الجامع (ال الجميل) في قمبر علي يسميه الفلسطينيون جامع العنبة كانت له علاقة أخوة  ومعرفة من خلال الجامع مع الشيخ علي الحانوتي وأولاده محمد واحمد وابراهيم ومع الشيخ نواف موسى عبدالرزاق ومطيع محمد سلمان وغيرهم..،كان المد والنشاط (الشيوعي) قد طغى على البلاد والعباد ويهددون عدوهم بسحله بالحبال والكل عندهم (بعثيون) ، عملوا كمين للشيخ نواف واخي حمدان حتى يسحلوهم ويقتلوهم في الشارع عند خروجهم من الجامع تمكن اخي حمدان من الافلات والنجاة باعجوبة ..،اما الشيخ نواف فكان قد سحلوه لولا ان قدّر الله وجسمه والحبل ارتطم بعامود الكهرباء مع وجود شرطي استطاع  تخليص الشيخ نواف ولطف الله . وهكذا كتبت الحياة لاخي حمدان والشيخ نواف .

والحمد لله ، وهذه الرواية اعرفها وعشتها وحدثني بها أيضا الشيخ نواف في عام 1958/1959،وكان حمدان قد تعلم وبرع في فن السباحة فكم مرة كان حمدان( في العهد الملكي والجمهوري) يعبر نهر دجلة سباحة وكان يسبح معه صديقه ابو الشيخ محمد عبدالرزاق (شقيق الشيخ نواف) وغيره من الاصدقاء السباحين كان رحمه الله جسورا وجريئا مرة انا معه ومحمد عبدالرزاق ومعهم (جوب اطار) للسباحة كنت اسبح على الجرف مسافة متر فوق الحجارة جهة الرصيف لاني لا اجيد السباحة فركبني وصديقة على الاطار وكادا ان يعبران بي النهر وانا معهم وانا استنكر عملهم وخائف واصيح(كان تفكيري اذا وقعت او فارقت الاطار من ينشلني من قعر الماء اذا سقطت ..)؟ .

          لذلك مع الاسف الشديد لم اتعلم السباحة، فقد ذهبت عدة مرات الى نهر دجلة ومسابح الكاظمية وصلاح الدين في اربيل والموصل وغيرها ولم اتعلم ،حتى ان أولادي (محمد وصهيب واحمد وعمر)لايعرفون السباحة لحد الان اما محمد فأنا غير متأكد انه لا يجيد السباحة، وقبل اسابيع عاتبني احد اولادي احمد لماذا ياولدي لم تعلمني السباحة وركوب الخيل عملا بالحديث الشريف...؟ .

          واصل اخي حمدان دراسته فقد كان هو واخي محمد في حي السلام (الطوبجي) احدهم صيفا وشتاءا يستمر في المطالعة حتى ينام والكتاب يغطي وجه نتيجة الاهتمام بالدراسة .

كان حمدان قد تعرف على عدد من الشباب الفلسطيني المتدين مثل صالح عبدالله السرية ومحمد الطاهر(اجزم) وحسن حمادة ومحمد صادق ورؤوف ابو العيون وعشرات غيرهم وفي معظمهم متدينون وذو اخلاق ،حمدان علم الكثير على الصلاة وعلى السباحة ، وكان صالح عبدالله سرية  ومعه اشخاص فلسطينيون عديدون منهم الاستاذ محمود العيساوي (ابو الامير) لهم نشاط سياسي و"نضالي" وسري اسفر عن تكوين جبهة تحرير فلسطين ويرمز لها (ج.ت.ف) .

          حدثت اجتماعات ولقاءات متتابعة ومستمرة بين اخي حمدان ولفيف من الشباب الفلسطيني المتدين مع صالح سرية زعيم(ج.ت.ف).وصالح سرية كثيرة اجتماعاته مع الحاج امين الحسيني في مكتب الهيئة في منطقة الوزيرية ببغداد والحاج امين الحسيني كان له علاقة وصداقه مباشرة مع رئيس، وزراء العراق الزعيم عبدالكريم قاسم الذي يحترم الحاج امين ويسمع كلامه، ويدعم القضية الفلسطينية .

          يحضر حمدان اجتماعات ويرى الصور وخرائط ومعلومات ويزداد حماسا واندفاعا وهو في قمة الشباب في الصف الرابع الاعدادي ولم يكن هناك صف سادس،وقد حدثنا اخي حمدان انا واحمد بأنه اليوم شاهد مناطق حيفا صور حديثة من داخل الوطن المحتل وقال شاهدت اليوم صور موقع المنارة واجزم وغيرها وكأنة يقبل على عمل ما، وهو ابن ثمانية عشر عاما كان مندفعا ومتحمسا ومتهيئاً لأي أعمل يطلب منة ،كان هذا في شباط او اذار عام 1962م .

          في 21/3/1968حدثت معركة الكرامة،وقبل حرب الاشقاء في "ايلول الاسود" 1970في الاردن عمل اخي في فتح ،فقام وأسس المكتب لاول مرة في البتاوين خلف وزارة البلديات في بغداد ،هو ومعه ابن شقيقته سهيل مسعد الشعبان(جبع حيفا) وتم صبغ هذا البيت البسيط ليكون مقرا لمكتب فتح ( حين سيطر ابو نضال على منظمة التحرير) .

اضافة الى حمدان وسهيل مسعد،كان بعض ابناء فلسطين يعملون في هذا المكتب الاعلامي لفتح لعل منهم: محمد طاهر (اجزم)، ابراهيم بكر ابراهيم (عين غزال)، وابرهيم البشير وموسى محمد الجياب ومسعد الماضي ، وجمال البشيتي ، وعيسى حسن زيادة،وحسن حمادة وعبدالله محمد عواد وجميل عطية ومحمد حمود شحادة حبوش والمحاسب ابو نبيل ،واحمد يوسف ورشيد جبر ، وغيرهم .

في احداث ايلول عام 1970حدث ان اتصل ببعض من في القيادة العراقية ليسأل عن الوضع  في الاردن وكان الذي رد على الهاتف حمدان مدير ادارة المكتب ،الذي طمأنهم عن وجود الفلسطينيين في الاردن وتم افتتاح منظمة التحرير الفلسطينية ومسؤول عنها مؤقتا ابو نضال لكنه لا يداوم لا في المنظمة في السعدون ولا في مكتب فتح في البتاوين ولايظهر (يوجه من خلف الستار) عمل لفيف من ابناء فلسطين في مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في شارع السعدون خلف محطة تعبئة الوقود ،حمدان كان يشغل مرة كادر سياسي واعلامي في المنظمة وتارة اخرى مدير مكتب في المنظمة في السبعينات وقبل االثمانينات كان يعمل في المنظمة في تلك الفترة لفيف من الاخوة من ابناء فلسطين منهم مهيوب الزهري الماضي ، عبدالله محمد عواد الذي عمل مدير ادارة المنظمة لفترة، وسعيد عيسى الجياب المحاسب ،خالد ابو نبيل ،والاعلامي دليل قسوس(السفير الان)،حمودي كرميد ،وغيرهم .

تزوج اخي حمدان عام 1970على ما ذكر وحضر لفيف من ابناء فلسطين حفل زواج بسيط وفي مقدمتهم (ابو نضال) وعدد من الكوادر .. الذين حضروا لبيتنا في مدينة السلام (الطوبجي) الشارع العام.وكان الطابق الثاني في بناية المنظمة يشغلها قيادة جيش التحرير الفلسطيني وغرف اخرى لاعلام المنظمة كان الضابط ممثل القيادة لطفي ملحم (ابو احمد) جبع حيفا ،ثم بعده عاصم محمود طه ،ثم بعده محمد قاسم الاسعد(ابو سهاد) صهر عمي توفيق الأسعد ابو فتحي،وخلال هذه الفترة كان المحاسب علي عارف الملحم ( ابو جمال ) اطال الله في عمره ومنحه الصحة..ثم تأسس مكتب فتح في فرع مقابل "سينما" النصر على ابو نؤاس او قبل فندق (فلسطين مرديان) بفرعين، ليمارس العمل به بقيادة عرفات وكان في هذا المكتب الأستاذ صادق البدر واحمد قاسم الأسعد ومؤيد رفعت الماضي وسميح صالح واحمد يوسف وماجد توفيق العيساوي (ابو لؤي) و غيرهم .

شغل اخي حمدان مسؤولية مدير المكتب لفتح ،او لمنظمة التحرير الفلسطينية،او من موقع على اساس انضمام منظمة (ج.ت.ف)لفتح ،تارة تحت مسؤولية عرفات وتارة اخرى تحت مسؤولية ابو نضال شغل هذه المسؤولية عدة سنوات شغلها باخلاص وامانة وصدق واخلاق، وكان ايضا يتمتع بسمعة حسنة وله علاقات اخوية متينة ووثيقة مع عدد من الافراد والشخصيات الفلسطينية (الداخل والخارج)،وضمن ما يذكر ما يأتي عن اخي حمدان انه كان عضو في وفد فتح الذي قابل محسن الحكيم "المرجع الشيعي" في النجف الذي افتى بدعم حركة فتح وعلى ذكر حمدان (و ابو نضال) كانا يختلفان فكان ابو نضال يأمر بأن يبقى حمدان مجمد سياسيا ًحبيس البيت تارة براتب وتارة بدون راتب لعدة اشهر،هكذا هي دهاليز السياسة ،في مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في اعوام (1970/1971/1972/1973) وكان نشاطه وسلوكه متعدد الاوجه .. من ذلك :

1-    عمل بكفاءة وبصمت ،وعلاقة اخويه مع العاملين معه .

2-    كان يلتزم بالدوام ويخرج اخر شخص في كثير من الاحيان .

3-    حضر الندوات والمؤتمرات الفلسطينية والعراقية داخل العراق وخارجه .

4-    كتب وقدم بعض البحوث عن فلسطين والقضية العادلة وعن فلسطينيو العراق ونشرتها بعض المجلات الفلسطينية .

5-    كتب بعض الدراسات والمقالات في بعض الصحف والمجلات .

6-  وهذه النقطة ارجو الله ان تسجل في ميزان حسناته في هذه السنوات وينعم العراق بالاستقرار والاخير،كان الكثير من ابناء فلسطين يفدون للعراق قادمين من غزة او الاردن يأتون للعمل او الدراسة او للسياحة فكانت الدوائر العراقية ذات العلاقة لا تكتفي بما عندهم من اوراق او هويات ثبوتية فيطلب منهم تزكية او تأييد من المنظمة وهذه كنت اعيشها فكان اخي يهتم بهؤلاء الذين قدموا لوطنهم الثاني يسرع في منحهم الاوراق الثبوتية لتمشية امورهم حسب القوانين العراقية ،ينجز معاملاتهم والعاملين معه بدقة وامانة وسرعة دون تعقيد ودون تأخير كلمة صدق وحق اقولها كان صاحبه صاحب وصديق وفي وذو شخصية قوية بارا بوالديه بارا بأخواته وأخوانه كان يلعب دور المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف كان موصلا الرحم شجاع لايحب الضعف متواضعاً نفسه طيبة كريمة دافئة يحب عائلته و يداعب بناته و اولاده .

وبعد التسعينات .. وظروف شخصية وصحية ..تدهورت صحته ..لعام 1992وعام 1993،تم الاتصال بي (عمارة رقم 1) في السادسة صباحا او قبل ذهبت اليه الى عمارة رقم 16 واخذته الى المستشفى مدينة الطب في باب المعظم ومعي ولده جمال بسيارة (برازيلي) مع زكريا الصعبي واعطيته الأجرة 25 دينار صباح يوم 18/1/1993وطلع النهار وجاء الاطباء ولازال اخي في الطوارى..وتدهورت صحته اكثر ، يا سبحان الله وكأنه كان  يعرف ان اجله قد حان .. نظر الى ولده جمال نظرة وداع أخيرة ونزع ساعته اليدوية لولده جمال قائلاً له البسها .. بعدها فارق الحياة تذكرت ساعته التي تبرع بها لثوار الجزائر عام 1957 وفي الوداع يسلم خلفه فلذة كبده ساعته ايضا .. للذكرى صدى السنين أسأل الله سبحانه وتعالى رب العرش العظيم على ان يتجاوز عن سيئاته وذنوبه ويرحمه ويشمله بعطفه ورحمته ومغفرته الواسعه هم السابقون ونحن لاحقون بهم ان شاء الله .

{ كل من عليها فان . ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام }

اشكر القاري الكريم ، واعتذر عن الإطالة وأرجو الدعاء لأخي حمدان بالرحمة والمغفرة .

 


"
حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"