خضير ميري
3/8/2011
عندما زرت العراق في الآونة الأخيرة بعد غياب طويل كنت بحاجة إلى تفقد كل أصدقائي ومعارفي هناك وكان لي عدد غير قليل من الأصدقاء الفلسطينيين الذين تربيت معهم أو زاملتهم في الدراسة أو العمل الصحفي أو الاهتمامات الثقافية وغيرها من هموم الشباب في حينها ولطالما كانوا من المقربين لي وهم سعداء في وجودهم بيننا ولكني فوجئت بسفر الكثيرين منهم خارج العراق ، بل وتعرض بعضهم إلى الموت في محاولاتهم للهجرة عبر البحر إلى المنافي البعيدة ، فضلا عن تغير سكن البعض منهم في العراق ولم اعرف إليهم سبيلا وكنت مستغربا انقلاب الحال الذي حدث للفلسطينيين في العراق وهم الذين يعتبرون فيصل الوطنية عندنا ، ولهم معزة خاصة من قبل الشعب العراقي وبكافة طوائفه لا سيما وان كل فرد عراقي تربى على حب فلسطين حتى قبل أن يتربى على حب بلاده ، ففلسطين عربية كان هو الشعار الذي تربينا عليه منذ كنا صغارا ولطالما حملنا خارطة فلسطين في أعناقنا وكم كانت لنا أجيال قاتلت في صفوف المقاومة الفلسطينية وبعض من شعرائنا ومبدعينا كانوا يعملون في صفوف الحركات الفلسطينية سواء في بغداد أو في بيروت ترى ما الذي جرى لنجد الفلسطينيين اليوم في العراق في حالة سيئة فهم يعانون من قسوة العراقيين عليهم متهميهم بحب النظام ألصدامي لهم وكان هذا الحب الذي تبجح به الطاغية من قبل كان بمعزل عن حب العراقيين أصلا للشعب الفلسطيني وإذا ما أخذنا هذا الأمر بنظر الاعتبار فهو لا يعد سببا كافيا لاضطهاد أكثر من سبعة آلاف مواطن فلسطيني على حد تعبير السفير الفلسطيني في العراق وعدم توفير العمل لهم أو شملهم بواجب الرعاية من قبل العراق شعبا وحكومة خاصة وان المواطن الفلسطيني له الحق شرعيا في البقاء في العراق كأي مواطن عراقي آخر وهو ما نعرفه جميعا دون أن نضع الفلسطيني في خانات سياسية هو بمعزل عنها أو نضيق عليه الخناق ، لاسيما وان قضية فلسطين هي القضية الأولى التي تشترك بها كل الشعوب العربية سواء بالأمس أو اليوم ، ثم ليس من شيمة المواطن العراقي أن يكون قاسيا أو جاحدا لحقوق أخيه الفلسطيني وهذا ما لمسناه منذ أربعينيات القرن الماضي فأين العدالة إذن بالتعامل مع أخ لنا في العروبة والدين وهو فضلا عن ذلك يعد لاجئا إنسانيا ليس له القدرة على تبديل إقامته أو العودة إلى وطنه المغتصب الجريح ربما تغيرت معادلات كثيرة في العراق وساد ميزان الطائفية الذي لا عدل فيه ولا سنة تحميه ولا شيعة حقيقية تقبل به ، ولكن هل الموازين الإنسانية في العراق اختفت هي الأخرى حتى نحرم من لجأ ألينا واحتمى بأرضنا وشرب واكل معنا ابسط حقوق الضيافة والكرم أين هي الروح العربية الأصيلة التي كانت تصرخ لنصرة فلسطين وكنا مستعدين للتضحية بأرواحنا في سبيل استرداد الحق العربي المغتصب في فلسطين أم إن الشعارات القومية التي احتكرتها الأحزاب لقومية الزائفة والتي أنتجت الدكتاتوريات البشعة قد أسقطت في نفوسنا كراهية حق هو حق شعب ولا يسجل باسم هذه الحكومة أو تلك وان الإنسان الفلسطيني هو عنوان كرامة الإنسان العربي في كل مكان والعراقيين بالذات لا يظلمون أبناء جلدتهم ولا يضطهدون إخوانهم في الدم والدين والدنيا حسبما اعرف ويعرف الجميع أليس كذلك ؟ .
المصدر : صحيفة الدستور العراقية