بعض الأحكام المتعلقة بشهر رجب

بواسطة قراءة 6834
بعض الأحكام المتعلقة بشهر رجب
بعض الأحكام المتعلقة بشهر رجب

الصوم في شهر رجب

هل ورد فضل معين للصيام في شهر رجب ؟ .

الحمد لله

أولاً :

شهر رجب هو أحد الأشهر الحرم التي قال الله تعالى فيها : ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ) التوبة/36 , والأشهر الحرم هي : رجب , وذو العقدة , وذو الحجة , والمحرم .

وروى البخاري (4662) ومسلم (1679) عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا , مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ , ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ : ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ , وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ ) .

وقد سميت هذه الأشهر حرماً لأمرين :

1- لتحريم القتال فيها إلا أن يبدأ العدو .

2- لأن حرمة انتهاك المحارم فيها أشد من غيرها .

ولهذا نهانا الله تعالى عن ارتكاب المعاصي في هذه الأشهر فقال : ( فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ) التوبة/36 , مع أن ارتكاب المعصية محرم ومنهي عنه في هذه الأشهر وغيرها , إلا أنه في هذه الأشهر أشد تحريماً .

قال السعدي رحمه الله (ص 373) :

" ( فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ) يحتمل أن الضمير يعود إلى الاثني عشر شهرا , وأن اللّه تعالى بَيَّن أنه جعلها مقادير للعباد , وأن تعمر بطاعته , ويشكر اللّه تعالى على مِنَّتِهِ بها , وتقييضها لمصالح العباد , فلتحذروا من ظلم أنفسكم فيها .

ويحتمل أن الضمير يعود إلى الأربعة الحرم , وأن هذا نهي لهم عن الظلم فيها خصوصاً ، مع النهي عن الظلم كل وقت , لزيادة تحريمها , وكون الظلم فيها أشد منه في غيرها " انتهى .

ثانياً :

وأما صوم شهر رجب , فلم يثبت في فضل صومه على سبيل الخصوص أو صوم شيء منه حديث صحيح .

فما يفعله بعض الناس من تخصيص بعض الأيام منه بالصيام معتقدين فضلها على غيرها : لا أصل له في الشرع .

غير أنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على استحباب الصيام في الأشهر الحرم ( ورجب من الأشهر الحرم ) فقَالَ صلى الله عليه وسلم : ( صُمْ مِنْ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ ) رواه أبو داود (2428) وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود .

فهذا الحديث - إن صح - فإنه يدل على استحباب الصيام في الأشهر الحرم , فمن صام في شهر رجب لهذا , وكان يصوم أيضاً غيره من الأشهر الحرم فلا بأس , أما تخصيص رجب بالصيام فلا .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (25/290) :

" وأما صوم رجب بخصوصه فأحاديثه كلها ضعيفة ، بل موضوعة ، لا يعتمد أهل العلم على شيء منها ، وليست من الضعيف الذي يروى في الفضائل ، بل عامتها من الموضوعات المكذوبات . . .

وفي المسند وغيره حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بصوم الأشهر الحرم : وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم . فهذا في صوم الأربعة جميعا لا من يخصص رجبا " انتهى باختصار .

وقال ابن القيم رحمه الله :

" كل حديث في ذكر صيام رجب وصلاة بعض الليالي فيه فهو كذب مفترى " انتهى من "المنار المنيف" (ص96) .

وقال الحافظ ابن حجر في "تبيين العجب" (ص11) :

" لم يرد في فضل شهر رجب , ولا في صيامه ولا صيام شيء منه معين , ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة " انتهى .

وقال الشيخ سيد سابق رحمه الله في "فقه السنة" (1/383) :

" وصيام رجب ليس له فضل زائد على غيره من الشهور , إلا أنه من الأشهر الحرم , ولم يرد في السنة الصحيحة أن للصيام فضيلة بخصوصه , وأن ما جاء في ذلك مما لا ينتهض للاحتجاج به " انتهى .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن صيام يوم السابع والعشرين من رجب وقيام ليلته .

فأجاب :

" صيام اليوم السابع العشرين من رجب وقيام ليلته وتخصيص ذلك بدعة , وكل بدعة ضلالة " انتهى .

"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (20/440) .

الإسلام سؤال وجواب

 

العُمرة في شهر رجب

هل ورد في استحباب العمرة في شهر رجب فضل معين ؟ .

الحمد لله

أولاً :

لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم – فيما نعلم – فضل خاص للعمرة في شهر رجب , أو ترغيب فيها , وإنما ثبت الفضل الخاص للعمرة في شهر رمضان , وفي أشهر الحج , وهي : شوال وذو القعدة وذو الحجة .

ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اعتمر في رجب , بل أنكرت ذلك عائشة رضي الله عنها , وقالت : ( ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجب قط ) رواه البخاري (1776) ومسلم (1255) .

ثانياً :

من الابتداع في الدين : ما يفعله بعض الناس من تخصيص شهر رجب بالعمرة , لأنه ليس للمكلف أن يخص عبادة بزمان معين , إلا فيما ورد به الشرع .

قال ابن العطار تلميذ النووي رحمهما الله :

" ومما بلغني عن أهل مكة زادها الله شرفاً اعتياد كثرة الاعتمار في رجب , وهذا مما لا أعلم له أصلاً , بل ثبت في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( عمرة في رمضان تعدل حجة ) " انتهى .

وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في فتاويه (6/131) :

" أما تخصيص بعض أيام رجب بأي شيء من الأعمال الزيارة وغيرها فلا أصل له ، لما قرره الإمام أبو شامة في كتاب "البدع والحوادث" أن تخصيص العبادات بأوقات لم يخصّصها بها الشرع لا ينبغي ، إذ لا فضل لأي وقت على وقت آخر إلا ما فضله الشرع بنوع من العبادة ، أو فضل جميع أعمال البر فيه دون غيره ، ولهذا أنكر العلماء تخصيص شهر رجب بكثرة الاعتمار فيه " انتهى .

ولكن لو ذهب الإنسان للعمرة في رجب من غير اعتقاد فضل معيّن بل كان مصادفة أو لأنّه تيسّر له السفر في هذا الوقت فلا بأس بذلك .

الإسلام سؤال وجواب

 

كيف نستعد لقدوم شهر رمضان ؟

كيف نستعد لرمضان ؟ وما هي أفضل الأعمال لهذا الشهر الكريم ؟ .

الحمد لله

أولاً :

قد أحسنت أخي الفاضل بسؤالك هذا ، حيث سألت عن كيفية الاستعداد لشهر رمضان ؛ حيث انحرف فهم كثير من الناس لحقيقة الصيام ، فراحوا يجعلونه موسماً للأطعمة والأشربة والحلويات والسهرات والفضائيات ، واستعدوا لذلك قبل شهر رمضان بفترة طويلة ؛ خشية من فوات بعض الأطعمة ؛ أو خشية من غلاء سعرها ، فاستعد هؤلاء بشراء الأطعمة ، وتحضير الأشربة ، والبحث في دليل القنوات الفضائية لمعرفة ما يتابعون وما يتركون ، وقد جهلوا - بحق – حقيقة الصيام في شهر رمضان ، وسلخوا العبادة والتقوى عنه ، وجعلوه لبطونهم وعيونهم .

ثانياً :

وانتبه آخرون لحقيقة صيام شهر رمضان فراحوا يستعدون له من شعبان ، بل بعضهم قبل ذلك ، ومن أوجه الاستعداد المحمود لشهر رمضان :

1- التوبة الصادقة .

وهي واجبة في كل وقت ، لكن بما أنه سيقدم على شهر عظيم مبارك فإن من الأحرى له أن يسارع بالتوبة مما بينه وبين ربه من ذنوب ، ومما بينه وبين الناس من حقوق ؛ ليدخل عليه الشهر المبارك فينشغل بالطاعات والعبادات بسلامة صدر ، وطمأنينة فلب .

قال تعالى : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور/ من الآية 31 .

وعَنْ الأَغَرَّ بن يسار رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ ) رواه مسلم ( 2702 ) .

2- الدعاء .

وقد ورد عن بعض السلف أنهم كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ، ثم يدعونه خمسة أشهر بعدها حتى يتقبل منهم .

فيدعو المسلم ربَّه تعالى أن يبلِّغه شهر رمضان على خير في دينه في بدنه ، ويدعوه أن يعينه على طاعته فيه ، ويدعوه أن يتقبل منه عمله .

3- الفرح بقرب بلوغ هذا الشهر العظيم .

فإن بلوغ شهر رمضان من نِعَم الله العظيمة على العبد المسلم ؛ لأن رمضان من مواسم الخير ، الذي تفتح فيه أبواب الجنان ، وتُغلق فيه أبواب النيران ، وهو شهر القرآن ، والغزوات الفاصلة في ديننا .

قال الله تعالى : ( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) يونس/58 .

4- إبراء الذمة من الصيام الواجب .

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ : سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ : كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلا فِي شَعْبَانَ .

رواه البخاري ( 1849 ) ومسلم ( 1146 ) .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :

ويؤخذ من حرصها على ذلك في شعبان أنه لا يجوز تأخير القضاء حتى يدخل رمضان آخر .

" فتح الباري " ( 4 / 191 ) .

5- التزود بالعلم ليقف على أحكام الصيام ، ومعرفة فضل رمضان .

6- المسارعة في إنهاء الأعمال التي قد تشغل المسلم في رمضان عن العبادات .

7- الجلوس مع أهل البيت من زوجة وأولاد لإخبارهم بأحكام الصيام وتشجيع الصغار على الصيام .

8- إعداد بعض الكتب التي يمكن قراءتها في البيت ، أو إهداؤها لإمام المسجد ليقرأها على الناس في رمضان .

9- الصيام من شهر شعبان استعداداً لصوم شهر رمضان .

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لا يُفْطِرُ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لا يَصُومُ ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلا رَمَضَانَ ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ .

رواه البخاري ( 1868 ) ومسلم ( 1156 ) .

عَنْ أُسَامَة بْن زَيْدٍ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ ، قَالَ : ( ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ ) .

رواه النسائي ( 2357 ) وحسَّنه الألباني في " صحيح النسائي " .

وفي الحديث بيان الحكمة من صوم شعبان ، وهو : أنه شهر تُرفع فيه الأعمال ، وقد ذكر بعض العلماء حِكمة أخرى ، وهي أن ذلك الصوم بمنزلة السنة القبلية في صلاة الفرض ، فإنها تهيئ النفس وتنشطها لأداء الفرض ، وكذا يقال في صيام شعبان قبل رمضان .

10- قراءة القرآن .

قال سلمة بن كهيل : كان يقال شهر شعبان شهر القراء .

وكان عمرو بن قيس إذا دخل شهر شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن .

وقال أبو بكر البلخي : شهر رجب شهر الزرع ، وشهر شعبان شهر سقي الزرع ، وشهر رمضان شهر حصاد الزرع .

وقال – أيضاً - : مثل شهر رجب كالريح ، ومثل شعبان مثل الغيم ، ومثل رمضان مثل المطر ، ومن لم يزرع ويغرس في رجب ، ولم يسق في شعبان فكيف يريد أن يحصد في رمضان . وها قد مضى رجب فما أنت فاعل في شعبان إن كنت تريد رمضان ، هذا حال نبيك وحال سلف الأمة في هذا الشهر المبارك ، فما هو موقعك من هذه الأعمال والدرجات .

ثالثاً :

ولمعرفة الأعمال التي ينبغي على المسلم فعلها في شهر رمضان : انظر جواب السؤال رقم (26869 ) و ( 12468 ) .

والله الموفق .

الإسلام سؤال وجواب

 

حديث (من قال في رجب أستغفر الله لا إله إلا هو ) موضوع لا يصح

السؤال :

جاءني هذا الحديث على الهاتف ، وأريد معرفة صحته ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قال في رجب أستغفر الله لا إله إلا هو ، وحده لا شريك له وأتوب إليه مائة مرة ، وختمها بالصدقة ، ختم الله له بالرحمة والمغفرة ، ومن قالها أربعمائة مرة كتب الله له أجر مائة شهيد ) جزاكم الله خيرا .

الجواب :

الحمد لله

ليس لهذا الحديث أصل في كتب السنة والآثار ، ولا تعرف روايته لدى أحد من أهل العلم ، وكذلك لم نجده في الكتب التي تعتني بالأحاديث المكذوبة والموضوعة .

وإنما وجدناه في بعض كتب الشيعة المليئة بالمكذوبات المروية من غير إسناد ولا توثيق ، فقد ذكره ابن طاووس – علي بن موسى بن جعفر – المتوفى سنة (664هـ) في كتابه : " إقبال الأعمال " (3/216)، ولم نقف للحديث على أصل في كتاب أقدم منه من كتب الشيعة ، وابن طاووس ذكره معلقا من غير إسناد فقال :

" فصل فيما نذكره من فضل الاستغفار والتهليل والتوبة في شهر رجب : وجدنا ذلك مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : ( من قال في رجب : أستغفر الله الذي لا إله إلا هو لا شريك له وأتوب إليه ، مائة مرة ، وختمها بالصدقة ، ختم الله له بالرحمة والمغفرة ، ومن قالها أربعمائة مرة كتب الله له أجر مائة شهيد ، فإذا لقي الله يوم القيامة يقول له : قد أقررت بملكي ، فتمن علي ما شئت حتى أعطيك ، فإنه لا مقتدر غيري ) " انتهى. وعنه تنقل بعض كتبهم الأخرى مثل : " وسائل الشيعة " (10/484) للحر العاملي (ت1104هـ)، وغيرها.

وبهذا تتضح علامات الوضع على هذا الحديث :

أولها : خلو الحديث من الإسناد .

ثانيها :

تفرد كتب الرافضة بذكر الحديث ، ومن كتبهم اشتهر الحديث في بعض المنتديات والمواقع على شبكة الإنترنت ، وهكذا يجب الحذر من كثير من الأحاديث التي تروى في المنتديات ، ويكون مصدرها كتب الرافضة المكذوبة .

ثالثها :

تعلق الحديث بفضائل شهر رجب ، والواجب الحذر عند جميع ما يروى في هذا الباب ، فقد كثرت فيه الموضوعات حتى ألف فيها بعض العلماء تأليفا خاصا ، مثل الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابه : " تبيين العجب بما ورد في فضل رجب " وقال رحمه الله :

" لم يرد في فضل شهر رجب ولا في صيامه ولا في صيام شيء منه معين ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه - حديث صحيح يصلح للحجة ، وقد سبقني إلى الجزم بذلك الإمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ ، رويناه عنه بإسناد صحيح ، وكذلك رويناه عن غيره ، ولكن اشتهر أن أهل العلم يتسامحون في إيراد الأحاديث في الفضائل وإن كان فيها ضعف ، ما لم تكن موضوعة ، وينبغي مع ذلك اشتراط أن يعتقد العامل كون ذلك الحديث ضعيفا ، وأن لا يشهر بذلك ، لئلا يعمل المرء بحديث ضعيف ، فيشرع ما ليس بشرع ، أو يراه بعض الجهال فيظن أنه سنة صحيحة " انتهى من " تبيين العجب " (ص/11)
رابعها :

المجازفة في الأجر ، حيث رتب على عمل يسير في شهر رجب أجر مائة شهيد وزيادة ، ومثله لم يرد في الشريعة الصحيحة .

والله أعلم .

الإسلام سؤال وجواب


نذر أن يصوم رجب وشعبان ورمضان ولا يستطيع بسبب عمله ؟

نذرتُ لئن أراد الله ووصلت الديار المقدسة وزرت البيت الحرام ، أن أصوم ثلاثة أشهر رجب وشعبان ورمضان ، وقد أديتُ فرضي والحمد لله ، ولكن نظراً لظروف عملي لم أستطع إكمال الصيام فهل يجزئ عن ذلك صيام الاثنين والخميس من كل أسبوع أم لا ؟ وهل يُشترط التتابع في الصيام أم لا ؟ وإذا لم أستطع فهل يجزئ عنَّي كفارة أم لا ؟ .

الحمد لله

"أولاً : ننبه أنه لا ينبغي للإنسان أن ينذر، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وقال : (إِنَّ النَّذْرَ لَا يُقَدِّمُ شَيْئًا وَلَا يُؤَخِّرُ ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِالنَّذْرِ مِنْ الْبَخِيلِ) .

فلا ينبغي للإنسان أن ينذر ، الإنسان ينبغي له أن يتقرب إلى الله بالطاعات والقربات من غير نذر ، ولا يُلزم نفسه إلا ما أوجبه الله عليه في أصل الشريعة ، أما أن يدخل نفسه في حرج ، ويُحمِّلها واجباً ثقيلاً من صيام أو عبادة لا تجب عليه بأصل الشرع ، ثمَّ بعد ذلك يتحرج ويطلب المخارج فهذا شيء يجب عليه أن يحذر منه من البداية وألا ينذر ، لكن إذا نذر وعقد النَّذر وهو نذر طاعة ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ ) ، والله تعالى يقول : ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ) الإنسان/ 7 ، ويقول تعالى : ( وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ ) البقرة/270 ، ويقول تعالى : ( وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ ) الحج/29 ، فإذا نذر الإنسان طاعة وجب عليه أن يؤديه ، لأنه أوجبه على نفسه فوجب عليه أداؤه ، وما ذكرته السائلة من أنها نذرت أن تصوم ثلاثة أشهر ، رجب وشعبان ورمضان : أما رمضان فهذا واجبٌ عليها في أصل الشرع أن تصومه، فقد نذرته فيكون واجباً من ناحتين : بأصل الشرع وبالنذر، فهذا لابد من صيامه، وأما صيام رجب وشعبان، فهذا يجب عليها صيامهما بالنذر فقط ، ويجب عليها أن تصوم ما دامت نذرت أن تصوم رجب وشعبان ورمضان ، لأن هذا نذر طاعة .

وإذا كانت عينت سنة معينة، قالت: من سنة كذا فيجب عليها أن تصوم رجب وشعبان من السنة المعنية، أما إذا كانت نذرت رجب وشعبان غير معين من سنة، فإنها تصوم رجب وشعبان من أي سنة تمرُّ عليها .

الحاصل : لا بد لها من صيام هذا النذر ، ولو كان فيه عليها مشقة ، لأنها هي التي ألزمت نفسها بهذا ، فتصوم ما دامت تستطيع الصيام، ولو كان عليها مشقة ، ولا يجزئ عنها أن تصوم الاثنين والخميس من كل أسبوع كما ذكرت ، لا بد من صيام رجب وشعبان ورمضان ، ولا يجزئ عنها الإطعام أيضاً ، لأنها تستطيع أن تصوم ولو مع المشقة .

وإذا كان قصدها رجب وشعبان من سنة يعني متواليين ، يجب عليها أن تصومهما متواليين ، أما إذا كان قصدها رجب من أي سنة ، وشعبان من أي سنة ، فلا مانع أن تصوم رجب مثلاً في سنة ، وشعبان في سنةٍ أخرى ، إذا لم تكن قد نوت سنة معينة ، أو في سنة واحدة" .

"مجموع فتاوى الشيخ صالح الفوزان" (1/98) .

الإسلام سؤال وجواب

 

تأخير أداء الزكاة عن وقتها لإخراجها في شهر رمضان

السؤال:

أولا أود أن أشكركم بعد الله علي هذا الجهد الذي تبدلوه واسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم وان ينفع به كل من يطلع عليه مسلما كان أم غيره سؤالي يتلخص في الأتي لقد تحصلت علي عمل منذ 3 سنوات وأتقاضى منه راتبا ممتازا ولله الحمد ولكني بعد أن قمت بحساب الزمن الذي تحصلت فيه علي النصاب اتضح أنه في شهر جمادى الآخر ولكن من دون قصد قمت بإخراجها في شهر رمضان ظنا مني أني أستطيع اختيار الوقت لإخراجها واستمر هذا الأمر لمدة سنتين والآن أود أن اسأل في هذا العام هل أخرج الزكاة في شهر رمضان كما في العامين الماضيين أم أخرجها في شهر جمادى الآخر؟ وهل يترتب علي شيء نتيجة التأخير في العاميين السابقين بمعني هل أقوم بتقدير قيمة الزكاة عن كل شهر وأخرج الزكاة عن أشهر التأخير علما بأني في شهر رمضان قمت بإخراج الزكاة علي كل المال الذي في حوزتي بما في ذلك الأموال التي تحصلت عليها بعد شهر جماد الآخر؟ .

الجواب :

الحمد لله

أولاً:
يجب إخراج الزكاة على الفور، إذا بلغ المال النصاب وحال عليه الحول، فإن آخرها لغير عذر إثم وإن كان لعذر، كعدم وجود الفقير.. فلا بأس.

قال النووي رحمه الله: "يجب إخراج الزكاة على الفور، إذا وجبت، وتمكن من إخراجها، ولم يجز تأخيرها, وبه قال مالك وأحمد وجمهور العلماء؛ لقوله تعالى: (وَآتُوا الزَّكَاةَ) والأمر على الفور.." انتهى من "شرح المهذب" (5/308)

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/398) :

" إذا كان موعد إخراج الزكاة هو شهر جمادى الأولى فهل لنا تأخيرها إلى شهر رمضان بغير عذر؟

الجواب : لا يجوز تأخير إخراج الزكاة بعد تمام الحول إلا لعذر شرعي، كعدم وجود الفقراء حين تمام الحول وعدم القدرة على إيصالها إليهم ولغيبة المال ونحو ذلك. أما تأخيرها من أجل رمضان فلا يجوز إلا إذا كانت المدة يسيرة، كأن يكون تمام الحول في النصف الثاني من شعبان فلا بأس بتأخيرها إلى رمضان " انتهى .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عبد العزيز بن عبد الله بن باز ..عبد الله بن قعود...عبد الله بن غديان

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن حكم تأخير الزكاة إلى رمضان؟

فأجاب: " الزكاة كغيرها من أعمال الخير تكون في الزمن الفاضل أفضل، لكن متى وجبت الزكاة وتم الحول وجب على الإنسان أن يخرجها ولا يؤخرها إلى رمضان، فلو كان حول ماله في رجب، فإنه لا يؤخرها إلى رمضان، بل يؤديها في رجب، ولو كان يتم حولها في محرم، فإنه يؤديها في محرم، ولا يؤخرها إلى رمضان، أما إذا كان حول الزكاة يتم في رمضان فإنه يخرجها في رمضان، وكذلك لو طرأت فاقة على المسلمين وأراد تقديمها قبل تمام الحول فلا بأس بذلك" انتهى من "مجموع الفتاوى" (18/295) .

ثانياً: كون السائل أخر زكاة ماله إلى رمضان بناء على ظن خاطئ فلا إثم عليه للجهل، ثم إن أخرجها بعد ذلك في رمضان فقد سقطت المطالبة ولا شيء عليه بهذا التأخير، إلا أنه يجب عليه في هذا العام أن يخرجها في ( جمادى الآخرة ) ولا يؤخرها إلى رمضان .

والله أعلم

الإسلام سؤال وجواب

 

هل الصيد في الأشهر الحرم حرام ؟

هل الصيد في الأشهر الحرم حرام ؟ .

الحمد لله

الأشهر الحرم هي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم ، وهي المرادة بقوله تعالى : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) ، ولا حرج من الصيد فيها ، إنما التحريم للصيد متعلق بأمرين :

الأول : الإحرام بحج أو عمرة لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ ) المائدة/95 .

قال ابن كثير رحمه الله :

"وهذا تحريم منه تعالى لقتل الصيد في حال الإحرام ، ونهي عن تعاطيه فيه " انتهى .

" تفسير ابن كثير " ( 2 / 99 ) .

الثاني : الصيد في حدود الحرم ، والمقصود به مكة والمدينة للأحاديث الواردة في ذلك .

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام يوم الفتح فقال : ( إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض ، فهي حرام بحرام الله إلى يوم القيامة ، لم تحل لأحد قبلي ، ولا تحل لأحد بعدي ، ولم تحلل لي إلا ساعة من الدهر ، لا ينفَّر صيدُها ولا يعضد شوكها ) رواه البخاري ( 1284 ) ومسلم ( 1353 ) .

والشاهد منه قوله صلى الله عليه وسلم : ( ولا ينفر صيدها ) فهذا الحديث نص في تحريم تنفير الصيد في مكة ، وأولى منه تحريم الصيد نفسه .

وأما المدينة فقد ثبت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول : لو رأيت الظباء بالمدينة ترتع ما ذعرتها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما بين لابتيها حرام ) رواه البخاري ( 1774 ) ومسلم ( 1372 ) .

واللابة يقال لها : الحَرَّة ، وهي الحجارة السوداء ، والمدينة بين لابتين ، شرقية وغربية .

أما الأشهر الحرم فلا علاقة بينها وبين تحريم الصيد .

والله أعلم

الإسلام سؤال وجواب


لا يجوز ادّعاء خصوصيات معيّنة لأيام معينّة دون دليل شرعي

ما هي أهمية الأيام الثالث عشر والحادي والعشرين والثاني والعشرين والسابع والعشرين من شهر رجب ؟ .

الجواب :

الحمد لله

لا شيء يخصّ هذه الأيام بالذّات على الإطلاق ، فأمّا أيّام شهر رجب كلّها فإنها معظّمّة بلا استثناء لأنّ رجب من الأشهر الحُرم مثل شهر ذي القعدة وذي الحجة ومحرّم .

وأمّا يوم الثالث عشر من كلّ شهر - وليس رجب بالذّات - فهو أحد أيّام البيض الثلاثة التي يستحبّ صيامها وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر .

وكثير من أهل البدع يعتقدون أفضلية معيّنة في أيام معيّنة ويخصّونها بعبادات دون أيّ دليل شرعيّ فهؤلاء عملهم مردود غير مقبول لأنّهم ابتدعوا في دين الله ما لم يأذن به الله .

نسأل الله أن يرزقنا اتّباع السنّة واجتناب البدعة ، وصلى الله على نبينا محمد .

الشيخ محمد صالح المنجد

 

حكم الوقف المشتمل على منكر

هناك قريب لي قد أوقف أرضا له بحيث تكون غلة الوقف يشترى بها ذبائح وتقام ولائم في شهر رجب من كل عام وتوزع الأطعمة على الفقراء في هذا الشهر وأنه هو الناظر على هذا الوقف وقد ترك صرف ريع الوقف العام الماضي ويسأل عن حكم هذا الوقف وإذا قيل بعدم جوازه فما العمل بريع الوقف في كل عام ؟ .

الحمد لله

فنقول لناظر الوقف : اشتر من غلة الوقف ذبائح ووزعها على الفقراء ، ولا تخص هذا الذبح بشهر رجب بل اجعله في أي شهر ، لأن الوقف إذا اشتمل على منكر ؛ عُمِل به في غير هذا المنكر ، والمحذور هنا هو تخصيصه الذبح بشهر رجب ، فيُجتنب هذا ، ويَذبح في أي شهر ويُوزِّع على الفقراء كما حدد الواقف . والله أعلم .

الشيخ : خالد السبت

 

لا يجوز تأخير الزكاة إلى رمضان

زكاة أموالي سوف تكون قبل شهر رمضان ، فهل يجوز لي أن أؤخرها إلى رمضان لأن الزكاة في رمضان أفضل ؟ .

الحمد لله

إذا مَرَّ الحولُ على ملك النصاب وجب إخراج الزكاة على الفور ، ولا يجوز تأخيرها بعد الحول مع القدرة على إخراجها .

قال الله تعالى : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) آل عمران/133 .

وقال : ( سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ) الحديد/21 .

ولأن الإنسان إذا أخرها لا يدري ما يعرض له ، فقد يموت ويبقى الواجب في ذمته ، وإبراء الذمة واجب .

ولأن حاجة الفقراء قد تعلقت بها ، فإذا أخرها بعد الحول بقي الفقراء محتاجين ولا يجدون ما يكفيهم ويسد حاجتهم . انظر الشرح الممتع (6/187) .

وسئلت اللجنة الدائمة عن رجل ملك النصاب في شهر رجب ويريد إخراج الزكاة في رمضان .

فأجابت اللجنة :

تجب الزكاة عليك في شهر رجب من السنة التالية للسنة التي ملكت فيها النصاب . . . لكن إن رغبت في إخراجها في رمضان الذي بالسنة التي ملكت فيها النصاب تعجيلاً لها قبل أن يحول الحول جاز ذلك إذا كانت هناك حاجة ملحة لتعجيلها ، أما تأخير إخراجها إلى رمضان بعد تمام الحول في رجب فهذا لا يجوز لوجوب إخراجها على الفور اهـ باختصار. فتاوى اللجنة (9/392) .

وفي فتوى أخرى (9/395) :

من وجبت عليه زكاة وأخرها بغير عذر مشروع أثم ، لورود الأدلة من الكتاب والسنة بالمبادرة بإخراج الزكاة في وقتها اهـ

وفي فتوى أخرى (9/398) :

لا يجوز تأخير إخراج الزكاة بعد تمام الحول إلا لعذر شرعي ، كعدم وجود الفقراء حين تمام الحول ، وعدم القدرة على إيصالها إليهم ، ولغيبة المال ونحو ذلك . أما تأخيرها من أجل رمضان فلا يجوز إلا إذا كانت المدة يسيرة ، كأن يكون تمام الحول في النصف الثاني من شعبان فلا بأس بتأخيرها إلى رمضان اهـ .

الإسلام سؤال وجواب


الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج

ما حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج , وهي ليلة السابع والعشرين من رجب ؟ .

الحمد لله

" لا ريب أن الإسراء والمعراج من آيات الله العظيمة الدالة على صدق رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى عظم منزلته عند الله عز وجل ، كما أنها من الدلائل على قدرة الله الباهرة ، وعلى علوه سبحانه وتعالى على جميع خلقه ، قال الله سبحانه وتعالى : ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الإسراء/1 .

وتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عرج به إلى السماوات ، وفتحت له أبوابها حتى جاوز السماء السابعة ، فكلمه ربه سبحانه بما أراد ، وفرض عليه الصلوات الخمس ، وكان الله سبحانه فرضها أولا خمسين صلاة ، فلم يزل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يراجعه ويسأله التخفيف ، حتى جعلها خمسا ، فهي خمس في الفرض ، وخمسون في الأجر , لأن الحسنة بعشر أمثالها ، فلله الحمد والشكر على جميع نعمه .

وهذه الليلة التي حصل فيها الإسراء والمعراج ، لم يأت في الأحاديث الصحيحة تعيينها لا في رجب ولا غيره ، وكل ما ورد في تعيينها فهو غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم بالحديث ، ولله الحكمة البالغة في إنساء الناس لها ، ولو ثبت تعيينها لم يجز للمسلمين أن يخصوها بشيء من العبادات ، ولم يجز لهم أن يحتفلوا بها , لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يحتفلوا بها ، ولم يخصوها بشيء , ولو كان الاحتفال بها أمرا مشروعا لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة ، إما بالقول وإما بالفعل , ولو وقع شيء من ذلك لعرف واشتهر ، ولنقله الصحابة رضي الله عنهم إلينا ، فقد نقلوا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم كل شيء تحتاجه الأمة ، ولم يفرطوا في شيء من الدين ، بل هم السابقون إلى كل خير ، فلو كان الاحتفال بهذه الليلة مشروعا لكانوا أسبق الناس إليه ، والنبي صلى الله عليه وسلم هو أنصح الناس للناس ، وقد بلغ الرسالة غاية البلاغ ، وأدى الأمانة فلو كان تعظيم هذه الليلة والاحتفال بها من دين الله لم يغفله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكتمه ، فلما لم يقع شيء من ذلك ، عُلِمَ أن الاحتفال بها ، وتعظيمها ليسا من الإسلام في شيء وقد أكمل الله لهذه الأمة دينها ، وأتم عليها النعمة ، وأنكر على من شرع في الدين ما لم يأذن به الله , قال سبحانه وتعالى في كتابه المبين من سورة المائدة : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ) وقال عز وجل في سورة الشورى : ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ) .

وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة: التحذير من البدع ، والتصريح بأنها ضلالة ، تنبيها للأمة على عظم خطرها ، وتنفيرا لهم من اقترافها .

ومن ذلك : ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) وفي رواية لمسلم : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته يوم الجمعة : ( أما بعد , فإن خير الحديث كتاب الله , وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم , وشر الأمور محدثاتها , وكل بدعة ضلالة ) زاد النسائي بسند جيد : ( وكل ضلالة في النار ) وفي السنن عن العرباض بن سارية رضي الله عنه أنه قال : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون , فقلنا : يا رسول الله كأنها موعظة مودع , فأوصنا , فقال : ( أوصيكم بتقوى الله , والسمع والطاعة , وإن تأمر عليكم عبد , فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا , فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي , تمسكوا بها , وعضوا عليها بالنواجذ , وإياكم ومحدثات الأمور , فإن كل محدثة بدعة , وكل بدعة ضلالة ) والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، وقد ثبت عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن السلف الصالح بعدهم ، التحذير من البدع والترهيب منها ، وما ذاك إلا لأنها زيادة في الدين ، وشرع لم يأذن به الله ، وتشبه بأعداء الله من اليهود والنصارى في زيادتهم في دينهم ، وابتداعهم فيه ما لم يأذن به الله ، ولأن لازمها التنقص للدين الإسلامي ، واتهامه بعدم الكمال ، ومعلوم ما في هذا من الفساد العظيم ، والمنكر الشنيع ، والمصادمة لقول الله عز وجل : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) والمخالفة الصريحة لأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام المحذرة من البدع والمنفرة منها .

وأرجو أن يكون فيما ذكرناه من الأدلة كفاية ومقنع لطالب الحق في إنكار هذه البدعة : أعني بدعة الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج ، والتحذير منها ، وأنها ليست من دين الإسلام في شيء .

ولما أوجب الله من النصح للمسلمين ، وبيان ما شرع الله لهم من الدين ، وتحريم كتمان العلم ، رأيت تنبيه إخواني المسلمين على هذه البدعة ، التي قد فشت في كثير من الأمصار ، حتى ظنها بعض الناس من الدين ، والله المسؤول أن يصلح أحوال المسلمين جميعا ، ويمنحهم الفقه في الدين ، ويوفقنا وإياهم للتمسك بالحق والثبات عليه ، وترك ما خالفه ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه " .

فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

 

المصدر : موقع الإسلام سؤال وجواب