3 فلسطينيين عالقون على «الحدود»: الأمن العام اللبناني أبعدهم إلى سوري

بواسطة قراءة 1685
3 فلسطينيين عالقون على «الحدود»: الأمن العام اللبناني أبعدهم إلى سوري
3 فلسطينيين عالقون على «الحدود»: الأمن العام اللبناني أبعدهم إلى سوري

هنا الحدود اللبنانية السورية»، ليست مرج الزهور التي استقبلت في التسعينيات العشرات من الفلسطينيين، أبعدهم الاحتلال الإسرائيلي يومها إلى المنطقة التي كانت تعرف بـ«المحرّمة». هنا في النقطة الفاصلة على الحدود اللبنانية السورية، يعلق ثلاثة شبان فلسطينيين غير قادرين على الانطلاق شرقاً إلى سوريا حيث فقدوا منازلهم وحياتهم في مخيم اليرموك، وممنوع عليهم العودة غرباً إلى لبنان حيث ذووهم الذين لجأوا مرة أخرى وأقاموا في صيدا والجية.

الشبان الثلاثة أبعدتهم مديرية الأمن العام اللبناني، فعلقوا في المنطقة الفاصلة. باتوا خمسة أيام في العراء، بين الشاحنات المركونة في تلك المنطقة، إلى أن تبرع أحد أبناء بلدة مجدل عنجر بغرفة كانت مخصصة لورش العمل على الأوتوستراد العربي لإيوائهم فيها. استعملوا في البداية أدوات بدائية لتسيير أمورهم، وإعداد طعامهم وشرابهم، وجمّعوا مياه الأمطار لاستخداماتهم، أشعلوا الحطب «بتنكة» للحصول على التدفئة في الليل. رفضوا عروض مهربي الأشخاص لإدخالهم إلى الأراضي اللبنانية مجدداً بطريقة غير شرعية. فهم يعتبرون قضيتهم محقة ويريدون العيش بحرية وينوون السفر إلى أي دولة أخرى. لم يملّوا من الانتظار على قارعة الأمل، رغم كل ما تلقوه من أجوبة سلبية من السفارة الفلسطينية والأونروا والجمعيات والصليب الأحمر الدولي، وها هم يقبعون الآن بين سندان قرار منع دخولهم لبنان ومطرقة حرب شردتهم، لا ذنب لهم فيها ولا يقبلون أن يكونوا طرفا.ً


«
تهمتنا أننا فلسطينيين، إحنا وين ما نروح بتضيق فينا البلاد»، عبارة رددها أكثر من مرة، المهندس العشريني، أدهم موعد، ليختصر فيها هو واثنان من رفاقه حكاية ألم وانتظار. فمنذ أكثر من 40 يوماً، لم تجد لهم السلطات اللبنانية حلاً يحقق دخولهم إلى لبنان للمّ شملهم مع ذويهم وعائلاتهم.
أدهم موعد كان قد أسس صفحة لرصد الانتهاكات بحق اللاجئين الفلسطينيين. لم يكن يتصور أن يكون هو أيضاً خبراً على هذه الصفحة. قال: «نحن جزء من معاناة، إذا في كوكب آخر يدلونا عليه؟»، هناك فلسطينيون في تونس ومصر وليبيا أيضاً عالقون لا يستطيعون الانتقال إلى دولة أخرى، «كأن الكرة الأرضية ضاقت بنا.»


كانوا ينوون السفر إلى ليبيا، ومنها إلى إيطاليا بطريقة غير شرعية

يروي الشاب، وهو يعدّ فنجان قهوة الضيافة على غاز حصل عليه حديثاً، كيف وصلت بهم الأقدار إلى هذه النقطة الفاصلة. قال إنهم دخلوا منذ سنتين مع عائلاتهم إلى لبنان، بعدما تعرض مخيم اليرموك للدمار. لم تسعفه شهادة هندسة الكمبيوتر، لم يجد في لبنان عملاً يسد به رمق أسرته وكلفة الحياة في لبنان. ولأن جميع الأبواب إلى أي دولة في العالم والمنطقة العربية موصدة أمام الفلسطيني، وجد كما العشرات من الفلسطينيين، نفسه يحلم بالوصول إلى إحدى دول أوروبا من طريق ليبيا ومنها إلى إيطاليا بحراً، بطريقة غير شرعية.

استحصل موعد، كما غيره، على تأشيرة الدخول إلى ليبيا عبر السفارة الليبية في مصر، وقال: «إن الفيزا قانونية وليست مزورة كما حاولوا إيهامنا، فنحن لم نتعرض للمساءلة القضائية، وزملاء لنا سافروا قبلنا بيومين»، إلا أن ما استنتجه من التحقيقات، أن سبب منعه من السفر عبر مطار بيروت الدولي، هو أن ليبيا ليس لديها سفارة في لبنان منذ اختفاء الإمام موسى الصدر. فوجئ موعد، مثل 48 فلسطينياً سورياً، أن الأمن العام في المطار قام بتجميعهم في غرفة في المطار، ثم جرى ترحيلهم إلى نقطة المصنع على الحدود بين لبنان وسوريا. حصل ذلك في الوقت نفسه لصدور قرار يمنع الفلسطينيين السوريين من دخول الأراضي اللبنانية. وأوضح موعد أن «46 من المبعدين دخلوا إلى سوريا، وبقيت أنا واثنان، لأننا مطلوبون للخدمة الإلزامية، ولا يمكن أن نقاتل في سوريا إلى جانب أي فصيل، نحن فلسطينيون.»


يضحك حسام اليتيم، على رد السفارة الفلسطينية، عليهم من خلال اتصالهم بها، قال: «كانت السفارة قد أرسلت لنا 100 دولار، وبعدها نصحونا بالاتصال بمفوضية اللاجئين بركي بتسفركن. ابتسم ابتسامة صفراء»، واستدرك قائلاً: «إننا محسوبون في الأساس على السفارة السورية، لأننا نحمل وثيقة سفر سورية، ومسجلون في السفارة السورية»، لكن المفوضية «قالت لنا شوفوا سفارة فلسطين، ولما سمّعناها جواب السفارة، ردت لو محلكن بفوت تهريب». يتابع قائلاً إن زوجته وأطفاله الأربعة مقيمون في الجية، لا يستطيعون القدوم إلى المصنع لرؤيته، كي لا يصبح حالهم كما حاله، «إذا بيجوا حيقطعوا الحدود، وهيك ممنوع يرجعوا».
يحمد مصطفى اليتيم ربه لأن النقطة الموجودين فيها تغطيها شبكة الهاتف الخلوي اللبنانية، لأنه قادر على التواصل مع خطيبته وأهله المقيمين في صيدا، رغم أن جميع اتصالاتنا مع الجمعيات والأونروا والسفارة، لم تؤت ثمارها، «إحنا مش مجرمين، إحنا بشر، لكن كل العالم متآمر على الفلسطينيين»، عبارة كثيراً ما رددها الشباب، على خلفية الطريقة التي سيقوا بها إلى نقطة المصنع. قال: «معقولي نحن ما دخلنا خلسة إلى لبنان، حتى يتم توقيفنا بالمطار، وتكبيلنا داخل

 الباص حتى المصنع». قال: «ليش بدن ايانا نكون طرف في الصراع في سوريا، عشان هيك نحن ما منقدر ندخل سوريا حتى ما نخدم في الجيش.»

طالب الشبان الثلاثة منظمة التحرير الفلسطينية بأن تجد حلاً مع السلطات اللبنانية لإدخالهم إلى لبنان دون العودة إلى الأمن العام السوري، «لأننا كنا في لبنان وتم إبعادنا»، وناشدوا المجتمع الدولي تطبيق القرار 194 الذي ينص على عودتهم إلى موطنهم الأصلي فلسطين، «بما أنه لم يعد هناك أي بلد يستقبلنا.»


مصدر في الأمن العام اللبناني أكد أن القرار بمنع دخول الفلسطينيين إلى لبنان جاء على إثر ضبط 49 فيزا إلى ليبيا مزورة، جرى التحقيق مع الأشخاص في مطار رفيق الحريري، وعملنا على ترحيلهم، جميعهم لاجئون فلسطينيون في سوريا»، وتابع المصدر قائلاً إن القرار يعمل به منذ ذلك الوقت، وأي فلسطيني يريد الدخول إلى لبنان يحتاج إلى قرار، لذا تشهد نقطة المصنع الكثير من الحالات تعود أدراجها إلى سوريا فور تفاجئها بالقرار. فيما أشار أحد العاملين في نقطة القدوم، إلى أن حالات كثيرة منع دخولها، وأكد أن امرأة سورية متزوجة بفلسطيني سوري ولديها طفلة عمرها لا يتجاوز سنة، سمح لها بالدخول إلى لبنان، فيما منعت الطفلة، ما جعل المرأة تعود أدراجها إلى سوريا.

 

المصدر: الاخبار