بطل فلسطين عبد الرحيم الحاج محمد (أبي كمال) ج7- رشيد جبر الأسعد

بواسطة قراءة 6323
بطل فلسطين عبد الرحيم الحاج محمد (أبي كمال) ج7- رشيد جبر الأسعد
بطل فلسطين عبد الرحيم الحاج محمد (أبي كمال) ج7- رشيد جبر الأسعد

بيان من قيادة الثورة

      وبعد استشهاده اصدرت قيادة الثورة بيانا تنعى فيه القائد العظيم الى الامة , جاء فيه :

بيان من ديوان الثورة العربية الكبرى

في فلسطين ينعي فيه القائد الكبير عبد الرحيم الحاج محمد

بسم الله الرحمن الرحيم

وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة

ديوان الثورة العربية                                                      التاريخ 8/2/58     

الكبرى في فلسطين                                                       1939/3/29

دمعة الاسى على الاخ الشهيد

 ( يا ايتها النفس المطمئنة , ارجعي الى ربك راضية مرضية , فادخلي عبادي وادخلي جنتي )

لقد كتب الله علينا القتل والقتال , ليتخذ منا شهداء ليعلم المجاهدين وليعلم الصابرين كتب علينا القتال مذ كان في الارض حق وباطل , وضعف وقوة , وقد كان الحق مجبرا على الدفاع عن نفسه ليظهر في الدنيا , ويشيع في الناس ومن اجل ان يقهر الباطل , فيندحر مهزوما مقهورا مذموما من اجل نصرة الحق . ونشر فضيلة بين الناس كتب الله القتال والاستشهاد على سيد الانبياء وسيد الشهداء , فجاء المسلمون بعده , واقتفوا اثره وتتبعوا خطاه , فقاتلوا وقتلوا , وفتحوا العالم ودوخوا الامصار ليحققوا سعادة البشرية في ظل الاسلام , وليكون الرسول شهيدا علينا ونكون شهداء على الناس بأن الخير كل الخير في طاعة الله والرسول والجهاد في سبيل الله .

ومن اجل نصرة الحق , ونشر الفضيلة في الناس , اطعنا الله والرسول واولى الامر منا فأعلنا الجهاد المقدس جهاد التحرير , جهاد قوة الحق في الدفاع عن ارضنا وكرامة امتنا مذ جاء العدو مدعوما بقوة باطلة فمنح الارض المقدسة للشعب الغريب . فكان الجهاد طويل الامد جم الضحايا من اجل قوة الحق وحق القوة , وكرامة الحق والقوة .

ثرنا في وجه العدو مذ استبدل الصحبة بالعداوة , وانكر علينا حقنا في الحياة , فلم نجد سبيلا للحياة غير طلب الموت من اجل تحرير الارض التي قدسها الله وشرفها , اذ جعلها مسرى نبيه ومهبط وحيه , ومقبرة الصحابة والصديقين , من عباده المؤمنين فكانت ثوراتنا متعاقبة الادوار متلاحقة الفصول , وكانت ضحايانا تكتب بدمائها كل يوم فصولا نيرات , وكانت وأاسفاه آخر هذه الصفحات التي خطها القائد البطل الاخ ابو كمال عليه رضوان الله. (56 )

ولم يكد يذاع الخبر في البلاد حتى اقفلت الحوانيت حدادا على الرجل الذي كان يتمتع بالاحترام .

اما السلطات في فلسطين , فلم تكد تسمع بالخبر , حتى جاءنا منها الكثيرون لكي يشاهدوا نجاحنا في مقاومة اعمال المسلحين, وانا اذكر من بين زوارنا في تلك المناسبة. اللورد جورث رئيس اركان حرب الامبراطورية قبل الحرب العالمية حين اصبح فيلد مارشال ثم مندوبا ساميا لفلسطين.

والجنرال هاينبخ, القائد العام في فلسطين.

ثم جاءنا جنرال قليل الجسم, قليل الكلام, قالو لنا انه قائد فرقة في حيفا وكان اسم هذا القائد الماجور جنرال "مونتجومري" الذي طبقت شهرته الافاق بعد ذلك بعامين اي في الحرب العالمية الثانية. كل  هؤلاء ابدوا اعجابهم بفروسية واخلاق عبد الرحيم الحاج محمد ..

 

الصحافة تشيد بمناقب الشهيد

وقد قامت الصحف العربية الصادرة في فلسطين , بتسجيل احداث استشهاد عبد الرحيم الحاج محمد , واثر ذلك على البلاد في رسائل صحفية من مندوبيها في المدن .

وقد جاء في جريدة "الجهاد" رقم 57 الصادرة بتاريخ 29/3/1939

            ·        الاضراب العام على فقيد الامس , اعز الراحلين عند الناس واكرمهم عند الله .

            ·        نعي الرجل الكامل الذي اسلم روحه الطاهرة على مقربة من صانور واهتزت للمصيبة الفادحة فيه اركان فلسطين والعالم العربي.

            ·        الامة الصابرة على بلواها تستقبل النبأ العظيم وتستمطر شابيب الرحمة والرضوان على الجثمان العابر الى الرفيق الاعلى والمتنقل الى جنة الخلد.

            ·        في ذمة الله وفي كنف الرحمن من ترسم خطوات صحابة الرسول الاعظم .

هول النبأ

أصبحت يافا وقد شملها الحزن وخيم عليها السكون لهول النبأ الصادع والفجيعة الكبرى في الرجل الكامل والبطل الصادق الذي التحق بالرفيق الاعلى وانتقل الى دار الخلد والنعيم. (57)

(نهاية مجاهد مؤمن)

مذكرات ضابط بريطاني كبير في فلسطين:

ضابط بريطاني برتبة كبيرة هو الذي كان مكلف بالمساهمة بمحاربة الثورة الفلسطينية وتصفية قادتها, ولعله كان مكلفا بجهة القاء القبض على الثائر عبد الرحيم الحاج محمد.. احد ابرز قادة الثورة الفلسطينية .. بل قائدها العام في بعض مراحلها , كتب هذا الضابط البريطاني في احدى الصحف العربية الصادرة في فلسطين بعد استشهاد القائد عبد الرحيم الحاج محمد (ابو كمال) , كتب مذكراته في مطاردة ومحاربة الثوار وقائدهم ابو كمال , تحت عنوان:

-(نهاية مجاهد مؤمن - 8) وقصاصة الصحيفة المصورة التي أعطاني أياها الأخ (عبد الكريم ابو ناصر) نجل الفقيد , تدل هذه القصاصة على ان هذا المقال هو الحلقة الثامنة , كتب تحتها : (مذكرات ضابط بريطاني) كبير في فلسطين / بقلم: (جيفري مورتن - ترجمة يوسف حنا) وللاسف الشديد قسم من الكتابة في بداية المقال لم اتمكن من قراءته لان قصاصة الصحيفة هذه مصورة وليست اصلية , واورد هنا سطور المقال التي تمكنت من قراءتها اوردها نصاً وامانة, بقلم الضابط البريطاني الكبير المكلف بمطاردة القائد عبد الرحيم محمد وهي:

 (.. وفي يوم 16/4/1938 جاءتنا اخبارية تقول ان عبد الرحيم محمد سوف يجتاز منطقة جنين في تلك الليلة وانه سوف يقضي ليلته في صانور او في قرية اخرى وكان 98% في هذه الاخباريات اما كاذبة او غير دقيقة واما انها تصل الينا متأخرة.

ولكني كنت اهتم بها كل الاهتمام رغم اعتقادي بأن الواحد بالمئة منها وهو الجزء الصادق قد يعوض الاتعاب التي اتفقناها في التسعة والتسعين الكاذبة .

وكان لعبد الرحيم محمد مكانه خاصة عند الشعب , وعندنا نحن , بسبب حسن اخلاقه , فلقد كان الرجل مؤمنا ولقد اتخذت كل الاجراءات التي تمكنني من ان اكون انا , لا الجيش القوة التي تلاحق عبد الرحيم وقد ذلتني تحرياتي على ان عبد الرحيم يعتزم قضاء ليلته في قرية اخرى معينة غير صانور.

فأرسلت انا قوة الجيش الى صانور , وذهبت لوحدي الى القرية الاخرى ويأسفني ان اقول انني كنت مخطئاً , فلم يأت عبد الرحيم الى القرية التي ذهبت اليها , بل ذهب الى قرية صانور , فقتل هو وياوره الخاص.

الشاعر المناضل يرثي قائده أبو كمال:

في قصيدة عربية رائعة معبرة تاريخية , قالها الشاعر المناضل الشهيد عبد الرحيم محمود ( ابي الطيب )الذي استشهد في معركة قرية الشجرة في 13 تموز عام 948 وهو من أشد المخلصين للثورة الفلسطينية وقائدها الباسل الشهيد عبد الرحيم الحاج محمد ( ابي كمال ) .. قصيدة فرضت نفسها على الواقع والميدان الفلسطيني والشارع والادب الفلسطيني .. يرثي بها مناضل قائده المناضل بعد ان اقفر الميدان من فارسه ..

قصيدة جميلة من 32 بيتاً شعرياً من روائع الشاعر عبد الرحيم محمود .. التي هي بحق تنطبق على كل ثائر ومجاهد وبطل وشهيد .. ترك فراغاً .. لا يعوض او من الصعوبة ان يعوض .. انه فقدان الامة لفرسانها الابطال طلائع التغيير .. الذين يعيشون لأمتهم ويعيشون لعقيدتهم ودينهم .. والسعي لمرضاة الله سبحانه وتعالى .. وأقامة شرع الله وعقيدة التوحيد في الارض ..

 

البطل الشهيد بإذن الله

وقد رثاه الشاعر عبد الرحيم محمود, زميله في النضال بقصيدة طويلة بعنوان البطل الشهيد وهذا نصها:

أإذا أنشدت يوفيك نشيدي *** حقك الواجب يا خير شهيد

أيٌّ لفظ يسع المعنى الذي *** منك أستوحيه يا وحي قصيدي

لا يحيط الشعر فيما فيك من *** خلق زاكٍ ومن عزم شديد

كملت فيك المروءات فلم *** يبق منها زائدٌ للمستزيد

أيُّها القائد لم خلفتنا *** ولمن وليّت تصريف الجنــود

أقفر الميدان من فرسانه *** وخلا من أهله غابُ الأسود

خمدت نار لقد أضرمتها *** لعدى كانوا لها بعض الوقود

والحمى قد ريع يا ذخر الحمى *** وغدا بعدك منقوص الحدود

لم أكن قبلك أدري ما الذي *** يُرخص الدّمع ويودي بالكبود

إنّ يوما قد رزئناك به *** جاعل أيامنا سودا بسود

هلكت نفس الأوداء أسى *** فيه وارتاحت له نفسُ اللدود

كل بيت لك فيه مأتم *** يندب الناس به أغلى فقيد

للمناجاة صدى مرتجع *** في بلاد العرب سهل ونجود

برزت فيها المصونات ضحى *** صارخات قارعات للخدود

واحبيب الأمة قد يتمتنا *** يا أبا كل فتاة ووليد

صعدوا من لوعة زفراتهم *** فأذابت قاسي الصّخر الصلود

جعلوا من كل صدر مسكنا *** لارتفاع بك عن سُكنى اللحُّود

كل قلب لك فيه مصحف *** فيه من ذكرك قرآن خلود

قد فصّلت آياتها *** لم تزل تتلى على الدهر الأبيد

أيّها القائد هذي ميتة *** طالما رجيتها منذ بعيد

مصرع الأبطال ما بين الحديد *** في الميادين ورفّات البنود

هذه أعراسهم صخّابة *** نقرة الدف بها قصف الرُّعود

فيروون الثَّرى من دمهم *** ويحنون به كفّ الصعيد

ويُزفون عليهم حُلل *** من نجيع الحرب تزري بالبرود

هم تعاويذ الحمى يُقصى بهم *** عنه مكر السوء أو كيد الحسود

تحرق العاتي أنفاسهم *** ويذيبون بها غلّ القيود

وعل أكتافهم تجنى المنى *** ويشاد الصَّرح للعيش الحميد

يا شهيدا قد تخذنا قبسا *** منه يهدينا الى النهج السّديد

مثل أنت وما أن تَنتسى *** لا تني ترويك أفواه الوجود

مت في الحرب شريفا لم تُطق *** ربقة الأسر ولا ذل العبيد

هكذا العار مريرّ ورد *** والردَّى للحر معسول الورود

واحبيب الأمة قد أصبح *** العيش من بعدك لي جد نكيد

جمد الدمع بعيني جزعا *** يا لنار القلب من دمع الجمود

فأذبت الروح ابكيك بها *** بدل الدّمع فسالت في نشيدي[1]

في التجمل يا زمان

وقد رثاه الشاعر الغيور والمناضل  برهان الدين العبوشي بقصيدته "في م التجميل يازمان" ومنها:

في م التجمل يا زمان قتلتني *** وسلبتني يا دهر ما ملكت يدي

وخطفت من لو نستطيع فداءه *** لفداه بالدم كل اروع مفتدى

عبد الرحيم اما علمت مكانه *** يا دهر فهو بنا كصحب محمد

يا قائد الثوار يوم كريهة *** أشعلت للهيجا لظى لم تخمد

هذا مزارك في بلادك كعبة *** سيقوم للذكرى مقام المسجد

 

تابعوا معنا الجزء الثامن ...

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"



[1]  رشيد جبر الأسعد : الشاعر عبد الرحيم محمود شهيد وبطل معركة الشجرة ، بغداد مطبعة العاني 1985 .