ثمَّ هي: مع كونِها:
[1] كذِبًا -والكذبُ محرَّم شرعًا-..
[2] وكونِها تشبُّهًا بغير المسلمين؛ والتَّشبُّه بغيرِ المسلمين محرَّم؛ فقد
قال النَّبي -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: «مَن
تَشَبَّهَ بِقَومٍ؛ فَهو مِنهُم»، قال شيخُ الإسلام ابنُ تيميَّة -رحمهُ
اللهُ-: «إسنادُه جيِّد، وأقلُّ أحوالِه التَّحريم -وإن كان ظاهرُه يقتضي كُفرَ
المتشبِّه بهم«.
هي -مع تضمُّنها هذين المحذورَين-؛ هي -أيضًا-:
[3] إذلالٌ للمُسلم أمامَ عَدوِّه؛ لأنَّ مِن المعلوم -بطبيعةِ
البَشَر-: أنَّ المقلَّد يَفخَر على مَن قلَّده، ويرَى أنَّه أفضلُ منه؛ ولذلك:
ضَعُف مُقلِّدُه حتى قلَّده؛ فهي فيها إذلالٌ للمُؤمن؛ لكونِه ذيلًا وتبَعًا
للكُفَّار.
[4] المحذور الرَّابع: أن غالبَ -أي: غالب هذه الكذبة
الخبيثة- تتضمَّن أكلًا للمالِ بالباطلِ، أو ترويعًا للمسلم؛ فإنَّه ربَّما يَكذِب؛ فيُكلِّم أهلَ البيتِ،
ويقول: إن فلانًا يقول: (ترى عندنا جماعة اليوم؛ ليطبخوا [غدا] كثيرًا، ولحمًا
..)، وما أشبه ذلك.
أو ربما: يخبرهم بأمرٍ يُروِّعهم؛ كأن يقول: قيِّمُكم
دُعِس، دعسته السيَّارة..
وما أشبه ذلك من الأمور التي لا
تجوزُ -بدون أن تكونَ بهذه الحالِ-.
فعلى المسلم: أن يتقيَ الله -سبحانهُ وتَعالى-، وأن يكون
عزيزًا بدِينه، فخورًا به، مُعجبًا به؛ لأجل أن يَهابَه أعداءُ المسلمين، ويحترموه.
وأنا ضامنٌ لكلِّ مَن اعتزَّ بدِين الله: أن يكون عزيزًا
بين النَّاس، ولكلِّ مَن ذلَّ لأعدائِه: أن يكون أذلَّ وأذلَّ -عند الله، وعند
أعدائه-.
فلا تظن -أيُّها المسلم- أنَّ مُتابعتَك للكُفَّار،
وأخذَكَ أخلاقَهم؛ لا تظنَّ أنَّ ذلك يُعزُّك في نفوسِهم؛ بل إنَّه يُذلُّك -غاية
الذلِّ-، وأنتَ تعلم ذلك.
أنت -الآن- لو أنَّ أحدًا اقتدَى بكَ في أفعالِك؛ لرأيتَ
لِنفسِك فخرًا عليه، ورأيتَ أنَّه ذلَّ أمامَك؛ حيث كان مُقلِّدًا لك؛ وهذا أمرٌ
معلوم معروفٌ -بِطبيعة البَشر-.
وكلَّما رأى أعداؤُنا أنَّنا أقوياءُ، وأعزَّاء بِدِيننا،
وأنَّنا لا نبالي بهم، ولا نُعاملهم إلا بما تقتضيهِ شريعةُ اللهِ -التي هي شريعةُ
كل العالَم-بعد بعثة الرسول-عليه الصلاة والسلام-:
﴿يَا أيُّها النَّاسُ إنِّي رَسولُ اللهِ إِلَيكُمْ جَميعًا﴾، وثبت عن النَّبي -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أنَّه قال: «والِّذِي نَفسِي بِيَدِه؛ لا يَسْمَعُ بي يَهودِيٌّ ولا
نَصْرانِيٌّ ثمَّ لا يُؤمِنُ بِما جِئتُ بِهِ؛ إلا كان مِنْ أهْلِ النَّار«؛ فإذا كان
هذا في أهلِ الكتاب -وهُم أهلُ كِتاب-؛ فما بالك بغيرِهم مِن الكُفَّار.
كلُّ مَن سمِع بمحمَّد -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- ولم
يتَّبعْه؛ فإنَّه مِن أهل النَّار.
فإذا كان كذلك: فما بالُنا -نحنُ المسلمين- نُذِلُّ
أنفسَنا، ونَتْبَعُ غَيرَنا.
وكلُّنا يَعلمُ ما جرى في مُحاوَرة هِرقلَ -عظيمِ
الرُّوم- مع أبي سُفيانَ -وهو كافرٌ-، حينما تحرَّزَ أبو سُفيان أن يَكذِب في حقِّ
النَّبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-؛ خوفًا مِن أن تُؤخَذ عليه هذه الكَذْبة، مع
أنَّه يَودُّ أن يَكذِب في ضِدِّ صالِح الرَّسولِ -صلَّى الله عليهِ وسلَّم-.
فإذا كان هذا كافرًا؛ فما بالُك -أيُّها المؤمِن- تَكذب؟!!
واللهُ الموفِّق )).
المصدر : مفرغ من قبل احدى الأخوات جزاها الله خيرا من مقطعٍ
صوتيٍّ -مقتطعٍ- حمَّلتُه مِن بعضِ المنتدياتِ. مِن برنامج: (نور على الدَّرب)،
الشريط (17-ب)، من الدَّقيقة: (7:39)