وينبغي أن يرفع
الإنسان صوته بهذا الذكر في الأسواق والمساجد والبيوت ، ولا ترفع النساء أصواتهن
بذلك .
ثانياً : يأكل تمرات وتراً قبل الخروج للعيد
؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات وتراً ،
ويقتصر على وتر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم .
ثالثاً : يلبس أحسن ثيابه ، وهذا للرجال ،
أما النساء فلا تلبس الثياب الجميلة عند خروجها إلى مصلى العيد ؛ لقول النبي صلى
الله عليه وسلم : (وليخرجن تَفِلات) أي في ثياب عادية ليست ثياب تبرج ، ويحرم
عليها أن تخرج متطيبة متبرجة .
رابعاً : استحب بعض العلماء أن يغتسل الإنسان
لصلاة العيد ؛ لأن ذلك مروي عن بعض السلف ، والغسل للعيد مستحب ، كما شرع للجمعة
لاجتماع الناس ، ولو اغتسل الإنسان لكان ذلك جيداً .
خامساً : صلاة العيد . وقد أجمع المسلمون على
مشروعية صلاة العيد ، ومنهم من قال : هي سنة . ومنهم من قال : فرض كفاية . وبعضهم
قال : فرض عين ومن تركها أثم ، واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر حتى
ذوات الخدور والعواتق ومن لا عادة لهن بالخروج أن يحضرن مصلى العيد ، إلا أن الحيض
يعتزلن المصلى ، لأن الحائض لا يجوز أن تمكث في المسجد ، وإن كان يجوز أن تمر
بالمسجد لكن لا تمكث فيه .
والذي يترجح لي من الأدلة أنها فرض عين ،
وأنه يجب على كل ذكر أن يحضر صلاة العيد إلا من كان له عذر ، وهو اختيار شيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
ويقرأ الإمام في الركعة الأولى (سبح اسم ربك
الأعلى) وفي الثانية (هل أتاك حديث الغاشية) أو يقرأ سورة (ق) في الأولى ، وسورة
القمر في الثانية ، وكلاهما صح به الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
سادساً : إذا اجتمعت الجمعة والعيد في يوم
واحد ، فتقام صلاة العيد ، وتقام كذلك صلاة الجمعة ، كما يدل عليه ظاهر حديث
النعمان بن بشير الذي رواه مسلم في صحيحه ، ولكن من حضر مع الإمام صلاة العيد إن
شاء فليحضر الجمعة ، وإن شاء فليصل ظهراً .
سابعاً : ومن أحكام صلاة العيد أنه عند كثير
من أهل العلم أن الإنسان إذا جاء إلى مصلى العيد قبل حضور الإمام فإنه يجلس ولا
يصلي ركعتين ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العيد ركعتين لم يصل قبلهما ولا
بعدهما .
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا جاء فلا يجلس
حتى يصلي ركعتين ؛ لأن مصلى العيد مسجد ، بدليل منع الحيض منه ، فثبت له حكم المسجد
، فدل على أنه مسجد ، وعلى هذا فيدخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام : ( إذا
دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ) . وأما عدم صلاته صلى الله عليه وسلم
قبلها وبعدها فلأنه إذا حضر بدأ بصلاة العيد .
إذن يثبت لمصلى العيد تحية المسجد كما تثبت
لسائر المساجد ، ولأننا لو أخذنا من الحديث أن مسجد العيد ليس له تحية لقلنا : ليس
لمسجد الجمعة تحية ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حضر مسجد الجمعة
يخطب ثم يصلي ركعتين ، ثم ينصرف ويصلي راتبة الجمعة في بيته ، فلم يصل قبلها ولا
بعدها .
والذي يترجح عندي أن مسجد العيد تصلى فيه
ركعتان تحية المسجد ، ومع ذلك لا ينكر بعضنا على بعض في هذه المسألة ؛ لأنها مسألة
خلافية ، ولا ينبغي الإنكار في مسائل الخلاف إلا إذا كان النص واضحاً كل الوضوح ،
فمن صلى لا ننكر عليه ، ومن جلس لا ننكر عليه .
ثامناً : من أحكام يوم العيد ـ عيد الفطر ـ
أنه تفرض فيه زكاة الفطر ، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تخرج قبل صلاة
العيد ، ويجوز إخراجها قبل ذلك بيوم أو يومين لحديث ابن عمر رضي الله عنهما عند
البخاري : (وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين) ، وإذا أخرجها بعد صلاة العيد
فلا تجزئه عن صدقة الفطر لحديث ابن عباس : (من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة،
ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات) ، فيحرم على الإنسان أن يؤخر زكاة
الفطر عن صلاة العيد ، فإن أخرها بلا عذر فهي زكاة غير مقبولة ، وإن كان بعذر كمن
في السفر وليس عنده ما يخرجه أو من يخرج إليه ، أو من اعتمد على أهله أن يخرجوها
واعتمدوا هم عليه، فذلك يخرجها متى تيسر له ذلك ، وإن كان بعد الصلاة ولا إثم
عليه؛ لأنه معذور .
تاسعاً : يهنىء الناس بعضهم بعضاً، ولكن يحدث
من المحظورات في ذلك ما يحدث من كثير من الناس ، حيث يدخل الرجال البيوت يصافحون
النساء سافرات بدون وجود محارم . وهذه منكرات بعضها فوق بعض .
ونجد بعض الناس ينفرون ممن يمتنع عن مصافحة
من ليست محرماً له ، وهم الظالمون وليس هو الظالم ، والقطيعة منهم وليست منه ،
ولكن يجب عليه أن يبين لهم ويرشدهم إلى سؤال الثقات من أهل العلم للتثبت ، ويرشدهم
أن لا يغضبوا لمجرد اتباع عادات الاباء والأجداد ؛ لأنها لا تحرم حلالاً ، ولا
تحلل حراماً، ويبين لهم أنهم إذا فعلوا ذلك كانوا كمن حكى الله قولهم : (
وَكَذَلِكَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِى قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ
مُتْرَفُوهَآ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى
ءَاثَـارِهِم مُّقْتَدُونَ ) .
ويعتاد بعض الناس الخروج إلى المقابر يوم
العيد يهنئون أصحاب القبور، وليس أصحاب القبور في حاجة لتهنئة ، فهم ما صاموا ولا
قاموا .
وزيارة المقبرة لا تختص بيوم العيد ، أو
الجمعة ، أو أي يوم ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم زار المقبرة في الليل ،
كما في حديث عائشة عند مسلم . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( زوروا القبور
فإنها تذكركم الاخرة) .
وزيارة القبور من العبادات ، والعبادات لا
تكون مشروعة حتى توافق الشرع . ولم يخصص النبي صلى الله عليه وسلم يوم العيد
بزيارة القبور ، فلا ينبغي أن يخصص بها .
عاشراً : ومما يفعل يوم العيد معانقة الرجال
بعضهم لبعض ، وهذا لا حرج فيه .
الحادي عشر : ويشرع لمن خرج لصلاة العيد أن
يخرج من طريق ويرجع من آخر اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا تسن هذه
السنة في غيرها من الصلوات ، لا الجمعة ولا غيرها ، بل تختص بالعيد .
"مجموع فتاوى
ابن عثيمين" (16/216-223) باختصار .
المصدر: موقع
الإسلام سؤال وجواب