إيهاب سليم-السويد-20/7/2008:
على ما يبدو أن قدر اللاجئين الفلسطينيين بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 أن يكونوا مهمشين إعلاميا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا لا ساند ولا واعز لهم سوى اللهم الإسناد والدعم الإنساني اللامحدود للعشائر العربية الأصيلة في محافظة الأنبار العراقية والتي قدمت المساعدات الإنسانية لأكثر من 2000 لاجيء فلسطيني طردوا من العاصمة العراقية المحتلة بغداد باتجاه مخيم الوليد في صحراء الأنبار رغم صعوبة الأوضاع الاقتصادية لأهلنا العراقيين العرب في الغربية وكذلك بعض الدعم البطولي السياسي والإعلامي لإخوتنا الفلسطينيين والعراقيين كمحاولة للمساهمة في كشف هذه القضية الحساسة باعتبار أن اللاجئين الفلسطينيين يشهدون وقائع النكبة الثانية في العراق.
فبعد توقيع الاتفاق الفلسطيني السوداني ما بين السفير الفلسطيني في السودان السيد سيد مصري ووزير الدولة في وزارة الداخلية السودانية المهندس عباس جمعة وممثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين(انكور) بتاريخ 10/5/2008 في العاصمة السودانية الخرطوم والذي ينص على استضافة السودان للاجئين الفلسطينيين العالقين في مخيم الوليد الصحراوي ونقل من يرغب منهم والبالغ عددهم قرابة 70% إلى المساكن الجاهزة في مزرعة القدس في الخرطوم مع عدم توفير لهم حقوق المواطنة وان العملية ستتم في شهر نوفمبر تشرين الثاني من العام الحالي,بدأت وسائل الإعلام الأمريكية و (الإسرائيلية) ومنها كبرى الصحف الأمريكية كواشنطن بوست و(صحيفة هارتس) الصهيونية بتوجيه انتقادات لاذعة للإدارة الأمريكية بسبب تجاهل الاخيرة اللاجئين الفلسطينيين في مخيم الوليد الصحراوي وهي البلد الديمقراطي بينما السودان المتهم بجرائم ضد الإنسانية بخصوص اللاجئين يعرب عن استضافته لهؤلاء اللاجئين(على حد وصف الصحف).
فبدأت هذه الحرب الإعلامية والسياسية داخل الولايات المتحدة الأمريكية من خلال المطالبة العلنية لمنظمة لاجئون الدولية في واشنطن بضرورة تدخل الحكومة الأمريكية لاستضافة الفلسطينيين في الأراضي الأمريكية بدلا من السودان,وبعدها جاء تصريح ممثل المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة في واشنطن ميشيل غابودان (إنه ما من قرار نهائي تمّ اتخاذه بشأن نقل اللاجئين إلى السودان ولكن ما من دولة أخرى أيضا عبّرت عن استعدادها للمساعدة),وجاء تصريح أخير من قبل المتحدث باسم الخارجية الأمريكية كورتيس كوبر قائلا:( من الواضح أنّ إعادة توطين الفلسطينيين في السودان ليس بالأمر المثالي ولا المفضل لديهم، ولكننا نقبل تقييم المفوضية السامية للأمم المتحدة بكونه من الأفضل للفلسطينيين المستمرين في المعاناة في المنطقة الحدودية في ظروف صعبة جدا).
أما من جانب الإعلام الصهيوني,فان (صحيفة هارتس الاسرائيلية) وضعت عنوان لافت في صدر صحيفتها(السودان ليس الحل) وكانت نظرة الصحيفة أن الحكومة السودانية ستحقق نجاحات في صعيد اللاجئين الفلسطينيين وأنها ستظهر بمثابة المنقذ الإنساني وهو ما سيفند دعوى المحكمة الجنائية الدولية الاخيره باعتقال الرئيس السوداني عمر حسن البشير وسيؤدي الى تراجعها مع اظافة تعليق لأحد الصهاينة ويدعي دانيال والمقيم في باريس قائلا:(السودانيين يفرون من السودان باتجاه اسرائيل فهل يعقل ان الفلسطينيين يتوجهون إلى السودان؟,وهل سيستفيد البشير منهم في قمع اللاجئين آم تصديرهم كانتحاريين إلى اسرائيل؟).
أما بالنسبة للحكومة السودانية فهي تنظر إلى معاناة اللاجئين الفلسطينيين في العراق من منطلقين أولهما النظرة العربية الأصيلة في تخفيف المعاناة الإنسانية عن هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين العرب بعد أن استهدفوا من الميليشيات الحكومية وغير الحكومية العراقية القادمة من إيران بعد الاحتلال الأمريكي وهو ليس غريبا على الحكومة السودانية استضافتها ورعايتها للفلسطينيين في وقت تخلى عنهم 21 بلد عربي مع رفض الكيان الصهيوني إعادتهم إلى الأراضي التي طردوا منها عام 1948 وفقا للقرار 194 الصادر من الأمم المتحدة بنفس العام.أما المنطلق الثاني للحكومة السودانية فهو ضرورة تفنيد دعوى المحكمة الجنائية الدولية وكذلك الاستفادة منهم في مواجهة خصوم النظام السوداني ولاسيما أتباع جون قرنق باعتبار أن أتباع المقبور الأخير يتلقون الدعم من الكيان الصهيوني وان الفلسطينيين لديهم الخبرات الكافية لمواجهة مثل هؤلاء الجماعات المدعومين من العدو الصهيوني.
لو قمنا بدراسة لتاريخ الولايات المتحدة الأمريكية فإننا سنجد أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة لم تتحرك يوما في مساعدة اللاجئين الفلسطينيين سواء في لبنان آو العراق بل وهي لا ترحب بوجودهم في أمريكا لذلك لا عجب إن تم كسر الحصار الإعلامي والسياسي عن اللاجئين الفلسطينيين في مخيم الوليد الصحراوي خلال الأيام القادمة استعدادا لتوفير المحيط الإعلامي المناسب لتحرك البلدان الأوربية وكندا واستراليا لاحتواء هم سريعا,ولا عجب إن تمسكت الحكومة السودانية الشقيقة بالدفاع عن قراراها باحتضانهم,فأمريكا ستحرك كافة جهودها لاحتواء القرار السوداني ولاسيما إن الخلاف الأمريكي السوداني ليس وليد اليوم بل قد ولد مع وجود المناضل الأممي كارلوس واسامة بن لادن وأبو نضال في الاراضي السودانية قبل عدة سنين,رغم إن الحكومة السودانية الشقيقة قد قدمت كارلوس هدية للمخابرات الفرنسية حينها وطردت كلا من بن لادن وأبو نضال من أراضيها فيما بعد,إلا أن الحرب الأمريكية والسودانية شاءت الأقدار لها أن تندلع في صحراء الأنبار حاليا رغم أن الحل الوحيد هو إيقاف البحث عن الوطن الثالث وما يعقبه من نكبة ثالثة تستهدفهم فلا بد من فتح الحدود السورية و الأردنية ليتوجه اللاجئين إلى الحدود الفلسطينية المحتلة عام 48 ولتتحقق الإرادة الإنسانية والأممية.