لا تنفك ذكريات العراق إلا أن تضرب رأسي لتوقظ ما نام تحت الذكريات من الشجن ، ذكريات اختلطت حلاوتها بمرارتها ، جمالها بقسوتها ، الطفولة الجميلة بالمشيب الملئ بهواجس الخوف .
هكذا عرفت العراق منذ أكثر من 47 سنة قضيتها أتنقل بين ربوعها ، فتارة تلقاني أتمشى في الاعظمية وتارة تجدني عند قريبي في مدينة الحرية او عند الأهل والأصدقاء في البلديات والطوبجي والزعفرانية ، هكذا كانت الطفولة وبداية الشباب ، ما أجمل تلك اللحظات التي كنت القي بنفسي في أحضان دجلة أو عندما كما نلتقي ونتبادل الحديث وأخبار ونحن نأكل عند جلال طلفاح أو من فلافل أبو علي ولا يستطيب الحديث لا بذكر كنافة أحمد الدكتور رحمة الله عليه ، هل تذكرون قهوة مصطفى "الشيخ" ، الله عليها من أيام .
فجأة طلع علينا ذيب اسمه مقتدى طاح بينا ذبح وترويع وتنكيل ، ترك كل شي وتفرغ للفلسطينيين وكأننا قتلنا أباه : حول حياتنا إلى عذاب وجحيم وطاردنا من مكان إلى مكان حتى لم يجعل لنا على الأرض جحر نلوذ به فركبنا البحر نجاة بأنفسنا وأولادنا من يطش هذا الظالم وعصابته .
كنت ممن ركب الصعاب ووصلت إلى المهجومة وبدأت أنسى ألم الماضي وقلت انما بعد الصبر فرج ، ونظرت من حولي فراعني ما رأيت وأفزعني هول المنظر ، لقد رأيت مقتدى هنا في قبرص لكنه نزع العمامة السوداء وحلق الشارب ولبس البدلة وجلس خلف المكتب ، رأيت عصابته حوله أيضا كل شيء تبدل وتغير حتى الأسماء فمقتدى ليس مقتدى وزبانيته بعضهم منا وآلات القتل تغيرت .
مقتدى القبرصي متعجرف متغطرس ، يحارب الناس في معيشتهم وتعينه العصابة على ذلك ، يدفع الناس نحو المجهول دفعا ، لذا يبكي القلب دما عندما نسمع ان فلان سافر وفلان ينتظر ، أي حياة يا مقتدى ؟؟ أي حياة يا زبانية مقتدى ؟ أيها الأخوة ما عادت عندي قدرة على الاحتمال فلا نحن نعامل كالبشر ولا نجد من يحمل همنا ، لم يعد في جيبي فلوس أتنقل بها إلى بلد آخر وأنا صاحب حمل وسوف أخاطب كل جهة يمكنني الوصول إليها لحل مشكلتي ومشكلة عائلتي ، لن أدخر جهدا في سبيل إيصال صوتي إلى ذوي الاختصاص والعلاقة ، سأخاطب الأمم المتحدة ، ومفوضية اللاجئين التابعة للاتحاد الأوروبي وسأسعى إذا وجدت ممولا أن أكلف محاميا يصوغ هذا الرسالة ، لن أبقى مكتوف اليدين انظر الى عائلتي يدمرها هذا المقتدى وزبانيته وسأعرضها عليكم بمجرد الانتهاء من مسودتها .
ألم تشاهدوا ما حصل لأهلنا في ماليزيا ، وصلوها على أمل الاستقرار فإذا بهم يجدون نارا وجحيما من صنف أخر ، لقد قاموا بالاعتصام أملا يإيجاد حل لمشكلاتهم ولا أريد أن ينتهي بي المطاف في حال مماثل فأكون كالدابة تدور حول الرحى ، وأقسم بالله إذا انغلقت الأبواب الا اطلع واعتصم وخليكم خافيين من مقتدى "الرجل الجالس خلف المكتب" ومن أعوانه ، متى كانت المطالبة بالحقوق الآدمية غير مشروعة ؟ .
كايد الكايد
1/3/2012
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"