اعتقال أحد فلسطينيي العراق في رام الله الشاب (محمد منذر رمضان)، خبر مؤلم على صفحات مواقعنا الفلسطينية وعلى سجل واقع حالنا اليومي، فقلت لا فرق بين من يعتقل ويقتل في العراق، ومن يعتقل ويقتل في فلسطين، فالفعل والفاعل واحد، وقد تعودنا على هذه الأخبار، فاعتقال الفلسطيني وقتله بات من الأمور العادية والطبيعية جدا في حياتنا اليومية وفي حياة المسلمين جميعاً الناظرين لنا وكأننا من عرق آخر، حتى لو انقرض فلا مشكلة ولا شأن لهم بنا .
المهم أنني لم أقرأ الخبر واكتفيت بالعنوان، فالأمر عادي جدا، أقفلت جهازي وهممت بتركه، إلا أن هنالك شيئا شدني لأقرأ طيات الخبر، عدت وفتحت الموقع لأقرأ الخبر، فكانت ردة فعلي مختلفة غبطة مع شعور بالفخر من فعل هذا الشاب الجريء، كيف لا وهذا البطل الهمام، يتوجه الى منصة البطولة والشجاعة ليعلن عن نفسه واحدا من أبطال فلسطين ومجاهديها الأشاوس، وليحفر اسمه في الذاكرة الجمعية للشعب الفلسطيني وفلسطينيي العراق بشكل خاص .
ليس غريباً هذا الفعل عن الفلسطينيين، وليس غريبا على فلسطينيي العراق الذين عرفوا معنى الشجاعة، هذا الشاب البطل ذكرني بأحد شهدائنا بإذن الله على أرض العراق، حينما كان يدافع عن المجمع حين هاجمته الغربان السود ذات مرة، وهو في الخط الأمامي ينافح عن اخوانه ويرد كيد المعتدين .
إن الغبطة لتغمرني، والفخر ليعتمرني، بشاب من أبناء جلدتي، فهو لم يفكر مثلي ومثل غيري، لم يفكر بالبحث عن العيش الهني في أي مكان، لم يختر الذهاب مع أقرانه الشباب الى بلاد الله العامرة، ليعيش حياته الهانئة ويقفل سجل أعماله وينام الليل الطويل، لم يفكر في البحث عن المال ولا عن الزوجة ولا عن المسكن، وأوروبا كلها لم تسعه، لم يسع عقله وتفكيره إلا أرضه فلسطين، وكأنني أراه – ولم أعرفه قبلاً - وهو يستل حسامه (بندقيته) ويمتطي جواده (سيارته) ويكر على المعتدين، ويأسر أحد المغتصبين، ويعود إلى رفاقه بالصيد الثمين، شاليط جديد، كنا نتوقعه وننتظره يوما بيوم هذا الشاليط، وقدر الله ما شاء فعل .
وإلى أخوة دربه ورفاقه لا تتركوه، ولا تتركوا أمراً تعاهدتم عليه، أخونا في رقبتكم، وشاليط جديد لن يصعب عليكم، فأنتم أمله الوحيد بعد الله عز وجل، فلن تطالب به سلطتنا بالتأكيد، فربما كان بنظرها إرهابيا ويستحق السجن، أتمنى أن أكون مخطئاً في ما أقول، وكلنا نذكر فعلها المشين بداية الشهر الجاري بتسليم 4 جنود "إسرائيلين" تاهوا في الضفة الغربية بأسلحتهم، واستبسال محمد رمضان وأخوته في محاولة أسر جندي واحد ليتم مفاداته بأسرانا في سجون الاحتلال، شتان شتان ما بين الفعلين، أفعال الأبطال وأفعال الأنذال، حري بنا أن نفكر في أفعال سلطتنا، التي نذرت نفسها في خدمة جيوب البعض وكراسيهم، ونقارنها بأفعال هؤلاء المجاهدين الأفذاذ، الذين ينذرون أنفسهم ليفكوا أسر إخوتهم القابعين خلف قضبان احتلال لا يرحم .
أحسدك وأغبطك يا محمد منذر أنا وكل مسلم شريف على فعلك الكبير، وكلنا نتمنى أن نكون مثلك، أن نكون أوفياء لديننا وأرضنا وعرضنا المنتهك في سجون الظالمين، لكن هل نستطيع ؟! .
لا تحزن يا أخانا، فسجنك خلوة وعبادة، وهذه أفعال الرجال الرجال، وانت منهم، وعلى طريق التحرير، تكثر التضحيات، ولن تعود أرضنا إلا بشحيط الدم العبيط، حري بنا اليوم أن نفخر بك، عرفنا اليوم رجلاً ما كنا نعرفه، نقشت اسمك في صدورنا، وفعلك البطولي في عقولنا .
الحرية لك بإذن الله ولكل أسرانا القابعين في سجون الغاصبين والظالمين، وأنت الحر ونحن المسجونون والله، الحرية بإذن الله لأسرانا في سجون الحاقدين المفترين، والنصر لنا بإذن الله ولقضيتنا العادلة، قضية كل المسلمين .
أثلجت صدرنا والله، ورفعت من قدرنا، وأعدت الى أذهاننا العمليات الجهادية التي قضت مضاجع الصهاينة الغاصبين، بارك الله في أهلك، وفرج عنك كربتك، وثبتك على الحق، وردك لنا سالماً، يا أرحم الراحمين .
محمد ماضي
26/5/2012
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"