إن خيط أمله الوحيد معلَّق بعمِّه
مصدق. فمن منـزله في ويشيتا بولاية كنساس في الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى بعد
ما يزيد على 11,000 كيلومتر، يقود مصدق مهدي حملة من أجل إطلاق سراح ابن أخيه.
وقد اتصل هذا المهندس العراقي المولد
بأعضاء في الكونغرس ودبلوماسيين ووسائل إعلام ومنظمات غير حكومية، ومنها منظمة
العفو الدولية، في محاولة لإلغاء الحُكم الذي صدر على أسامة. ولكن الوقت ينفد
ويخشى مصدق أن يُساق أسامة إلى حبل المشنقة في أي يوم.
وقال مصدق: "تحدثتُ مع والدته قبل بضعة أيام، وقد
بدت محطمة، وظلت ترجوني أن أفعل له شيئاً؛ فهو يبدو أنه في حالة متردية، ولا يتوفر
له طعام كاف، وحالته حرجة للغاية إلى حد أنه يمكن أن يتم إعدامه في أية لحظة ما لم
تقرر الرئاسة غير ذلك."
وكان الكابوس قد بدأ في 15 يناير/كانون الثاني 2010،
عندما قُبض على أسامه في مكتبه، وهو فني بترول يعمل في بغداد، واتُهم بقتل ضابط في
الجيش العراقي قبل ذلك التاريخ بحوالي سنة.
وقد احتُجز في مركز اعتقال سري. وقال ذووه إنه تعرَّض
للضرب بأدوات حادة وللركل والتعليق من ذراعيه، وجُرح بحفَّار وصُعق بالكهرباء على
شتى أنحاء جسمه لإرغامه على "الاعتراف" بالجريمة. إن الأدلة لصالح أسامة
تبدو طاغية. وقال رئيسه في العمل إنه كان على رأس عمله في وقت وقوع الجريمة، أي
أنه كان على بُعد 120 كيلومتراً عن مكان وقوعها. كما أن شريكاً له في التهمة، كان
قد شهد ضده في البداية، سحب اعترافه فيما بعد. أما الأشخاص الذين شهدوا في المحكمة
فلم يكونوا شهود عيان على جريمة القتل.
وقدم محاموه صوراً التقطها معهد الطب الشرعي في بغداد،
أظهرت وجود "20 بقعة سوداء اللون" متعددة الأشكال والأحجام، مما يدعم
مزاعم تعرُّضه للتعذيب.
ولكن ذلك لم يكن كافياً.
وقد استُخدم اعتراف أسامة كدليل رئيسي في محاكمة ملفقة
لم تستغرق سوى يوم واحد في ديسمبر/كانون الأول 2011. وقد أُدين بموجب قانون مكافحة
الإرهاب وحُكم عليه بالإعدام.
والآن يقضي والد الطفلين كل ساعة من عمره بانتظار
اللحظة التي سيأتي فيها حرس سجن الناصرية المركزي بمحافظة ذي قار بجنوب العراق إلى
زنزانته واقتياده إلى المشنقة.
السبيل
الوحيد للخروج
قامت زوجته نجاب بزيارته في الشهر الماضي ووصفت لمصدق
الأوضاع المزرية في السجن.
قال مصدق:"أخبرتْني نجاب بأن أسامة مقيَّد
بالسلاسل في قدميه ويديه، وأنه يتعرض للتعذيب يومياً، وإنه أُرسل إلى المشنقة
مرتين لترويعه ثم إعادته إلى زنزانته. إنهم يتلاعبون بعقله، يعذبونه عقلياً
ويعاملونه كحيوان، بل حتى الحيوانات تتمتع بحقوق أكثر."
ومضى يقول: "طفلاه الآن في الرابعة والخامسة من
العمر، وزوجته في حالة يُرثى لها وتقاسي الأمرَّين. قبل اعتقاله كان أسامة قد
اشترى قطعة أرض وبدأ ببناء بيته وحياته مع أسرته- ثم حدث ذلك كله."
وقد فرَّت والدة أسامه مع شقيقته إلى تركيا بعد تلقيهم
تهديدات بالقتل إذا لم يدفعوا تعويضات إلى ذوي الضابط القتيل.
إن حكاية أسامة ليست فريدة في العراق. ففي تقريرها
الأخير المعنون بـ "أحكام الإعدام وعمليات الإعدام، 2013" وثَّقت منظمة
العفو الدولية ما لا يقل عن 169 عملية إعدام في عام 2013- مقارنةً بما لا يقل عن
129 عملية إعدام في عام 2012. ونشير هنا إلى أنه يتم إعدام العديد من السجناء إثر
صدور إدانات تقوم على "اعترافات" انتُزعت منهم تحت وطاة التعذيب.
وقال سعيد حدادي، الباحث في شؤون العراق بمنظمة العفو
الدولية: "إن قصة أسامة تعتبر مثالاً آخر على ما يحدث عندما يقع الأفراد
فريسة النظام قضائي مليء بالمثالب حتى النخاع- وحيث تكون أرواح البشر على المحك."
"ولا ريب في أنه ينبغي مراجعة قضية أسامة فوراً، وتقديم
المسؤولين عن تعذيبه إلى ساحة العدالة."
ويبذل مصدق جهوداً بلا كلل أو ملل من أجل إنقاذ حياة
ابن شقيقته. وبفضله تكتسب القضية أساساً للنجاح. وهدفه هو: إنقاذ ابن شقيقه من
براثن الموت.
وخلُص مصدق إلى القول: "إن كل ما أريده هو أن
يعيدوه إلى زوجته وأطفاله. لقد اتهموه بدون أدلة؛ إذ قمتُ بمراجعة جميع ملفات
المحكمة وتبيَّن لي أن محاكمته ليست سوى نكته؛ فلا يوجد أي إثبات أو شهود ضده.
المصدر : منظمة العفو الدولية
28/3/2014